صفحة جزء
1062 - وحدثنا أبو محمد بن صاعد قال : حدثنا محمد بن عوف [ ص: 1578 ] [ بن ] سفيان الطائي الحمصي ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار ، قال : حدثنا محمد بن مهاجر ، عن عروة بن رويم ، أنه ذكر له أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نزل بنا ضيف بدوي فجلس به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أمام بيوته ، فجعل يسأله عن الناس كيف فرحهم بالإسلام ، وكيف حدبهم على الصلاة ، فما زال يخبره من ذلك بالذي يسره ، حتى رأيت وجه رسول الله نضرا ، حتى إذا انتفخ النهار ، وحان أكل الطعام أن يؤكل دعاني فأشار إلي مستخفيا لا يألوا أن ائت بيت عائشة رضي الله عنها فأخبرها أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفا ، قالت : والذي بعثه بالهدى ودين الحق ما أصبح في بيتنا شيء يأكله أحد من الناس . فردني إلى نسائه ، كلهن يعتذرن بما اعتذرت به عائشة رضي الله عنها ، حتى رأيت لون رسول الله صلى الله عليه وسلم كسف ، وكان البدوي عاقلا ففطن ، فما زال البدوي يعارض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى قال : إنا أهل البادية معانون في زماننا لسنا كأهل الحضر ، إنما يكفي أحدنا القبضة من التمر يشرب عليها أو الشربة من اللبن فذلك الخصب ، فمرت عند ذلك عنز لنا قد احتلبت ، كنا نسميها ثمرا فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، باسمها وقال : "ثمرا ثمرا" ، فأقبلت إليه [ ص: 1579 ] تحمحم ، فأخذ برجلها ومسح ضرعها وقال : "بسم الله" فحفلت ، فدعاني بمحلب لنا فأتيته به ، فحلب وقال : "باسم الله . فملأه . ثم قال : "ادفع باسم الله" فدفعت إلى الضيف ، فشرب منه شربة ضخمة ، ثم أراد أن يضعه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "عل" . فعاد ، ثم أراد أن يضعه . فقال له رسول الله : "عل" فكرر حتى امتلأ ، وشرب ما شاء الله ، ثم حلب فيه وقال : "بسم الله" . وملأه ثم قال : "أبلغ هذا عائشة فلتشرب منه ما بدا لها" ، ثم رجعت إليه فحلب فيه وقال : "بسم الله" . فملأه ثم أرسلني إلى نسائه كلما شربت امرأة ردني إلى الأخرى ، وقال : "بسم الله" حتى بدهن كلهن ، ثم رددت إليه ، وقال : "بسم الله" وقال : "ارفع إلي" . فرفعته فقال : "بسم الله" فشرب ما شاء الله ، ثم أعطاني ، فلم آل أن أضع شفتي على درج القدح ، فشربت شرابا أحلى من العسل ، وأطيب من المسك ، وقال : "اللهم بارك لأهلها فيها" .

التالي السابق


الخدمات العلمية