صفحة جزء
1278 - وحدثنا أبو أحمد هارون بن يوسف ، قال : حدثنا ابن أبي عمر ، [ ص: 1817 ] حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، قال : قالت عائشة : فبينا نحن جلوس في بيتنا في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها . قال أبو بكر رضي الله عنه : فداء له أبي وأمي إن جاء به في هذه الساعة لأمر .

قالت عائشة : فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن ، فأذن له ، فدخل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل لأبي بكر : "أخرج من عندك" فقال أبو بكر : إنما هم أهلك بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنه قد أذن لي في الخروج" فقال أبو بكر رضي الله عنه : الصحبة بأبي أنت ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "نعم" . فقال أبو بكر : فخذ بأبي أنت يا رسول الله ، إحدى راحلتي هاتين ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بالثمن" .

قالت : فجهزناهما أحث الجهاز ، وصنعنا لهما سفرة في جراب ، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها ، فأوكت به الجراب ، فلذلك كانت تسمى ذات النطاقين .

ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار يقال له : ثور ، فمكثا فيه ثلاث ليال ، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ، وهو غلام شاب ، لقن ، ثقف ، فيدخل [ ص: 1818 ] من عندهم السحر فيصبح مع قريش بمكة كبائت ، فلا يسمع أمرا يكادان به إلا وعاه ، حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منيحة من غنم ، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء ، فيبيتان في رسلهما ، حتى ينعق بهما عامر بن فهيرة بغلس ، يفعل ذلك كل ليلة من تلك الليالي .

واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه رجلا من بني الديل ، ثم من بني عبد بن عدي هاديا خريتا - والخريت : الماهر في الهداية - قد غمس يده في حلف العاص بن وائل وهو على دين كفار قريش ، فأمناه ودفعا إليه راحلتيهما ، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال ، فأتاهما براحلتيهما صبيحة الليالي الثلاث ، فارتحل ، فانطلق معهم عامر بن فهيرة مع أبي بكر والدليل ، وأخذ بهم طريق أذاخر وهي طريق الساحل .


قال محمد بن الحسين :

وقد حدثنا بهذا الحديث الفريابي ، من غير طريق في حديث الزهري رحمه الله عن عروة رضي الله عنه . [ ص: 1819 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية