صفحة جزء
1399 - وحدثنا أبو حفص عمر بن سهل بن مخلد البزار من كتابه ، قال : حدثنا أبو السائب سلم بن جنادة بن سلم بن خالد بن جابر بن سمرة قال : حدثني سليمان بن عبد العزيز بن أبي ثابت ، عن عبد العزيز بن عمر بن [ ص: 1925 ] عبد الرحمن بن عوف ، قال : حدثني أبي ، عن عبد الله بن جعفر ، عن أبيه ، عن المسور بن مخرمة ، عن أمه - وكانت أمه عاتكة بنت عوف - قالت : خرج عمر بن الخطاب يوما يطوف في السوق فلقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة - وكان نصرانيا - فقال : يا أمير المؤمنين ، أعذني على المغيرة بن شعبة فإن علي خراجا كثيرا ، قال : فكم خراجك ؟ قال : درهمان في كل يوم ، قال : وأي شيء صناعتك ؟ قال : نجارا ، نقاشا ، حدادا ، قال : ما أرى خراجك بكثير على ما تصنع من الأعمال ، ثم لقد بلغني أنك تقول لو أردت أن أعمل رحى تطحن بالريح فعلت ، قال : نعم ، قال : فاعمل لي رحى ، قال : لئن سلمت لأعملن لك رحى يتحدث بها من بالمشرق والمغرب ، قال : ثم انصرف عمر إلى منزله فلما كان من الغد جاءه كعب الأحبار فقال له : يا أمير المؤمنين ، اعهد فإنك ميت في ثلاثة أيام ، قال : وما يدريك ؟ قال : أجده في كتاب الله عز وجل : التوراة ، قال عمر : آلله إنك تجد عمر بن الخطاب في التوراة ؟ قال : اللهم لا ، ولكن أجد صفتك وحليتك ، وأنه قد فني أجلك . قال وعمر لا يحس وجعا ، ولا ألما ، قال : فلما كان الغد جاءه كعب فقال : يا أمير المؤمنين ، ذهب يوم وبقي يومان ، قال : ثم جاءه الغد فقال : يا أمير المؤمنين ، ذهب يومان وبقي يوم وليلة ، وهي لك إلى صبيحتها ، قال ، فلما كان في الصبح خرج عمر بن الخطاب إلى الصلاة ، وكان يوكل بالصفوف رجالا ، فإذا استووا دخل هو فكبر ، قال : ودخل أبو لؤلؤة في الناس في يده خنجر له رأسان ، نصابه في وسطه ، فضرب عمر ست ضربات ، إحداهن تحت سرته ، وهي التي قتلته ، وقتل معه كليب بن وائل بن البكير الليثي - كان حليفهم - فلما وجد عمر حر السلاح سقط ، وقال : أفي الناس عبد الرحمن [ ص: 1926 ] ابن عوف ؟ قالوا : نعم هو ذا قال : فتقدم بالناس فصلى ، قال : فصلى عبد الرحمن بن عوف وعمر طريح ، قال : ثم احتمل فأدخل إلى داره ، ودخل عبد الرحمن بن عوف ، فقال : إني أريد أن أعهد إليك ، قال : يا أمير المؤمنين إن أشرت علي ، قال : وما تريد ؟ قال : أنشدك بالله أتشير علي بذلك ؟ قال : اللهم لا ، قال : إذن والله لا أدخل فيه أبدا ، قال : فهبني صمتا حتى أعهد إلى النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ، أدع لي عليا وعثمان والزبير وسعدا ؛ قال : وانتظروا أخاكم طلحة ثلاثا ، فإن جاء ، وإلا فاقضوا أمركم ، أنشدك الله يا علي ، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل بني هاشم على رقاب الناس ، أنشدك الله يا عثمان ، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل بني أبي معيط على رقاب الناس ، أنشدك الله يا سعد ، إن وليت من أمور الناس شيئا أن تحمل أقاربك على رقاب الناس ، قوموا فتشاوروا ، ثم اقضوا أمركم ، وليصل بالناس صهيب ، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فقال : قم على بابهم ، فلا تدع أحدا يدخل إليهم ، وأوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم أن يقسم عليهم فيئهم ، ولا يستأثر عليهم .

وأوصى الخليفة من بعدي بالأنصار الذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم أن يحسن إلى محسنهم ، وأن [ يعفو ] عن مسيئهم .

وأوصى الخليفة من بعدي بالعرب فإنهم مادة الإسلام ، أن تؤخذ صدقاتهم من حقها ، وتوضع في فقرائهم . [ ص: 1927 ]

وأوصي الخليفة من بعدي بذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوفي لهم بعهدهم .

اللهم هل بلغت ، تركت الخليفة بعدي على أنقى من الراحة ، يا عبد الله بن عمر ، اخرج إلى الناس فانظر من قتلني ، قال : يا أمير المؤمنين ، قتلك أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة ، فقال : الحمد لله الذي لم يجعل ميتتي بيد رجل سجد لله سجدة واحدة .

يا عبد الله بن عمر ، اذهب إلى عائشة رحمها الله فسلها أن تأذن لي أن أدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر .

يا عبد الله ، إن اختلف الناس فكن مع الأكثر ، وإن كانوا ثلاثة وثلاثة ، فكن في الحزب الذي فيه عبد الرحمن بن عوف .

يا عبد الله بن عمر ، ائذن للناس فجعل يدخل عليه المهاجرين والأنصار يسلمون عليه ، ويقول لهم : أعن ملأ منكم كان هذا ؟ فيقولون : معاذ الله ، قال : ودخل في الناس كعب الأحبار ، فلما نظر إليه عمر أنشأ يقول :

وأوعدني كعب ثلاثا أعدها ولا شك أن القول ما قاله كعب     وما بي حذار الموت إني لميت
ولكن حذار الذنب يتبعه الذنب

فقيل له : يا أمير المؤمنين ، لو دعوت طبيبا ؛ قال : فدعي بطبيب من بني الحارث بن كعب ، فسقاه نبيذا فخرج النبيذ - يعني مع الدم - قال : فاسقوه لبنا ، فخرج اللبن أبيض . فقيل له : يا أمير المؤمنين اعهد . قال : قد فرغت . [ ص: 1928 ]

ثم توفي ليلة الأربعاء لثلاث ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ، قال : فخرجوا به بكرة يوم الأربعاء ، فدفن في بيت عائشة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه ، وتقدم صهيب فصلى عليه وذكر الحديث بطوله .

[ ص: 1929 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية