صفحة جزء
1459 - وحدثنا أبو بكر بن سيف ، قال : حدثنا السري ، قال : حدثنا شعيب بن إبراهيم ، قال : حدثنا سيف بن عمر ، عن أبي حارثة ، وأبي عثمان الغساني ، قالا : لما قدم ابن السوداء مصر أعجبهم ، واستحلاهم واستحلوه ، فعرض لهم بالكفر فأبعدوه ، وعرض عليهم بالشقاق فأطمعوه فيه ، فبدأ فطعن على عمرو بن العاص ، فقال : ما باله أكثركم عطاء - أو رزقا - ألا ننصب رجلا من قريش يسوي بيننا ، فاستحلوا ذلك منه ، وقالوا : كيف نطيق ذلك مع عمرو [ ص: 1987 ] وهو رجل العرب ؟ قال : تستعفون منه ثم نعمل عملنا ، ونظهر الائتمار بالمعروف والطعن فلا يرده علينا أحد ، فاستعفوا منه ، وسألوا عبد الله بن سعد فأشركه مع عمرو ، فجعله على الخراج ، وولى عمرا على الحرب ، ولم يعزله ، ثم دخلوا بينهما حتى كتب كل واحد منهما إلى عثمان رضي الله عنه بالذي يبلغه عن صاحبه ، فركب أولئك فاستعفوا من عمرو ، وسألوا عبد الله فأعفاهم ، فلما قدم عمرو بن العاص على عثمان رضي الله عنه قال : ما شأنك يا أبا عبد الله ؟ قال : والله يا أمير المؤمنين ما كنت منذ وليتهم أجمع أمرا ولا رأيا مني منذ كرهوني ، وما أدري من أين أتيت ؟ .

فقال عثمان : ولكني أدري ، لقد دنا أمر هو الذي كنت أحذر ، ولقد جاءني نفر من ركب فرددت عنهم وكرهتهم ، ألا وإنه لابد لما هو كائن أن يكون ، ووالله لأسيرن فيهم بالصبر ، ولنتابعنهم ما لم يعص الله عز وجل .

قال محمد بن الحسين رحمه الله :

فهذه من بعض قصص عبد الله بن سبأ وأصحابه لعنه الله ، أغروا بين المسلمين منذ وقت الصحابة إلى وقتنا هذا ، وجميع المسلمين ينكرون على ابن سبأ مذهبه .

وقد كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه نفاه إلى ساباط ، فأقام فيهم فأهلكهم ، وادعى على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما قد برأه الله عز وجل منه وصانه ، وأعلى قدره في الدنيا والآخرة عما ينحله إليه السابة ، ولقد أحرقهم بالنار ، وقال : [ ص: 1988 ]

لما سمعت القول قولا منكرا أججت نارا ، ودعوت قنبرا

فحرقهم بالكوفة بموضع يقال له : صحراء أحد عشر .

[ ص: 1989 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية