صفحة جزء
1567 - وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن صالح البخاري ، قال : حدثنا محمد بن سليمان لوين ، قال : حدثنا عبد الله بن الزبير ، عن عبد الله بن شريك العامري ، عن جندب قال : لما كان يوم قتل علي رضي الله عنه الخوارج ؛ نظرت إلى وجوههم وإلى شمائلهم فشككت في قتالهم ، فتنحيت عن العسكر غير بعيد ، فنزلت عن دابتي وركزت رمحي ، ووضعت درعي تحتي ، وعلقت ترسي مستترا به من الشمس ، وأنا معتزل عن العسكر ناحية ، إذ طلع أمير المؤمنين علي [ ص: 2081 ] رضي الله عنه على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت في نفسي : مالي وله ، أنا أفر منه وهو يجيء إلي ، فقال لي : يا جندب ، ما لك في هذا المكان تنحيت عن العسكر ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، أصابني وعك فشق علي الغبار ، فلم أستطع الوقوف ، قال : فقال لي : أما بلغك ما للعبد في غبار العسكر من الأجر ؟ ! ثم ثنى رجله فنزل ، فأخذ برأس دابته ، وقعد فقعدت ، فأخذت الترس بيدي ، فسترته من الشمس قال : فوالله إني لقاعد إذ جاء فارس يركض ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن القوم قد قطعوا الجسر ذاهبين ، قال : فالتفت إلي فقال : إن مصارعهم دون النهر ، قال : وإن الرجل الذي أخبره عنده واقف ؛ إذ جاء رجل آخر فقال : يا أمير المؤمنين ، قد والله عبروا فما بقي منهم أحد ، قال : ويحك إن مصارعهم دون النهر ، قال : فجاء فارس آخر يركض ، فقال : يا أمير المؤمنين والذي بعث نبيه صلى الله عليه وسلم بالحق لقد رجعوا ، ثم جاء الناس فقالوا : قد رجعوا ، حتى إنهم ليتساقطون في الماء زحاما على العبور ، ثم إن رجلا جاء فقال : يا أمير المؤمنين إن القوم قد صفوا الصفوف ورموا فينا ، وقد جرحوا فلانا ، فقال علي رضي الله عنه : هذا حين طاب القتال ، قال : فوثب فقعد على بغلته ، فقمت إلى سلاحي فلبسته ، ثم شددته علي ، ثم قعدت على فرسي ، وأخذت رمحي ، ثم خرجت ، فلا والله يا عبد الله بن شريك ما صليت العصر - أو قال : الظهر - حتى قتلت بيدي سبعين" .

التالي السابق


الخدمات العلمية