صفحة جزء
16 - باب ذكر الإيمان بأن القرآن كلام الله تعالى ، وأن كلامه ليس بمخلوق ، ومن زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر .

قال محمد بن الحسين :

اعلموا رحمنا الله وإياكم أن قول المسلمين الذين لم يزغ قلوبهم عن الحق ، ووفقوا للرشاد قديما وحديثا أن القرآن كلام الله تعالى ، ليس بمخلوق ؛ لأن القرآن من علم الله ، وعلم الله لا يكون مخلوقا ، تعالى الله عن ذلك .

دل على ذلك القرآن والسنة ، وقول الصحابة رضي الله عنهم وقول أئمة المسلمين ، لا ينكر هذا إلا جهمي ، خبيث ، والجهمي [ عند ] العلماء كافر .

قال الله تعالى : ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ) . . . ، وقال تعالى : ( وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه ) . . وقال تعالى لنبيه عليه السلام ( قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي [ ص: 490 ] الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته ) . . . وهو القرآن . وقال لموسى - عليه السلام - : ( إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ) . . . قال محمد بن الحسين :

ومثل هذا في القرآن كثير . وقال تعالى : ( فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم ) . . وقال تعالى ( ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين ) .

قال محمد بن الحسين - رحمه الله - :

لم يزل الله عالما متكلما ، سميعا ، بصيرا بصفاته قبل خلق الأشياء ، من قال غير هذا كفر .

وسنذكر من السنن والآثار وقول العلماء الذين لا يستوحش من ذكرهم ، ما إذا سمعها من له علم وعقل ، زاده علما وفهما ، وإذا سمعها من في قلبه زيغ ، فإن أراد الله هدايته إلى طريق الحق رجع عن مذهبه وإن لم يرجع فالبلاء عليه أعظم .

التالي السابق


الخدمات العلمية