صفحة جزء
1829 - حدثني عمر بن أيوب السقطي ، قال : حدثنا محمد بن معاوية بن مالج ، قال : حدثنا كثير بن مروان الفلسطيني ، عن الحسن بن عمارة ، عن المنهال بن عمرو ، عن سويد بن غفلة قال : مررت بنفر من الشيعة يتناولون أبا بكر ، وعمر رضي الله عنهما وينتقصونهما ، فدخلت على علي بن أبي [ ص: 2339 ] طالب رضي الله عنه فقلت : يا أمير المؤمنين ؛ مررت بنفر من أصحابك يذكرون أبا بكر وعمر بغير الذي هما فيه من الأمة أهلا ، ولولا أنهم يرون أنك تضمر لهما مثل ما أعلنوا ما اجترؤوا على ذلك .

قال علي رضي الله عنه : أعوذ بالله ، أعوذ بالله أن أضمر لهما إلا الذي أتمنى عليه المضي ، لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل ، أخوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه ووزيراه رحمة الله عليهما .

ثم قام دامع العين يبكي قابضا على يدي حتى دخل المسجد فصعد المنبر ، وجلس عليه متمكنا قابضا لحيته ينظر فيها وهي بيضاء حتى اجتمع له الناس ، ثم قام فتشهد بخطبة موجزة بليغة ثم قال : ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش وأبوي المسلمين بما أنا عنه متنزه ، وعما قالوا بريء ، وعلى ما قالوا معاقب . أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يحبهما إلا مؤمن تقي ، ولا يبغضهما إلا فاجر ردي ، صحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدق والوفاء ، يأمران وينهيان ويقضيان ويعاقبان فما يجاوزان فيما يصنعان رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى مثل رأيهما رأيا ولا يحب كحبهما أحدا . مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهما راض ، والمؤمنون عنهما راضون .

أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر على صلاة المؤمنين فصلى بهم تسعة أيام في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قبض الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم واختار له ما عنده وولاه المؤمنون ذلك ، وفوضوا الزكاة إليه لأنهما مقرونتان ثم أعطوه البيعة طائعين غير مكرهين ، أنا أول من سن له ذلك من بني عبد المطلب وهو لذلك كاره يود [ ص: 2340 ] أحدا منا كفاه ذلك ، وكان والله خير من بقي وأرأفه رأفة وأثبته ورعا وأقدمه سنا وإسلاما ، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بميكائيل رأفة ورحمة ، وبإبراهيم عفوا ووقارا ، فسار فينا بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضى على أجله ذلك .

ثم ولى الأمر بعده عمر رحمه الله ، واستأمر المسلمين في هذا ، فمنهم من رضي ومنهم من كره وكنت فيمن رضي ، فلم يفارق الدنيا حتى رضيه من كان كرهه ، فأقام الأمر على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه ، يتبع آثارهما كاتباع الفصيل أثر أمه فكان والله رفيقا رحيما بالضعفاء ، وللمؤمنين عونا ، وناصرا للمظلومين على الظالمين ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، ضرب الله عز وجل بالحق على لسانه ، وجعل الصدق من شأنه ، حتى كنا نظن أن ملكا ينطق على لسانه ، فأعز الله بإسلامه الإسلام ، وجعل هجرته للدين قواما ، وألقى الله عز وجل له في قلوب المنافقين الرهبة ، وفي قلوب المؤمنين المحبة ، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبريل عليه السلام . فظا غليظا على الأعداء ، وبنوح حنقا مغتاظا على الكفار ، الضراء على طاعة الله عز وجل آثر عنده من السراء على معصية الله .

فمن لكم بمثلهما ؟ ! رحمة الله عليهما ورزقنا المضي على أثرهما ، فإنه لا يبلغ مبلغهما إلا باتباع أثرهما والحب لهما ، فمن أحبني فليحبهما ، ومن لم يحبهما فقد أبغضني وأنا منه بريء ، ولو كنت تقدمت إليكم في أمرهما لعاقبت على هذا أشد العقوبة ، ولكنه لا ينبغي لي أن أعاقب قبل التقدم ، ألا فمن أتيت به يقول هذا بعد اليوم فإن عليه ما على المفتري ، ألا وإن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ، ثم الله أعلم بالخير أين هو . أقول قولي هذا ويغفر الله لي ولكم .

[ ص: 2341 ] 1830 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد الأعرابي ، قال : حدثنا محمد بن زكريا الغلابي ، قال : حدثنا بشر بن حجر السامي ، قال : حدثنا حفص بن عمر الدارمي ، عن الحسن بن عمارة ، عن المنهال بن عمرو ، عن سويد بن غفلة قال : مررت بقوم من الشيعة ، وذكر نحوا من الحديث الذي قبله إلى آخره .

التالي السابق


الخدمات العلمية