صفحة جزء
253 - باب ذكر تزويج أبي سفيان [ رضي الله عنه ] بهند أم معاوية [ رضي الله عنهم ]

1964 - أخبرنا أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي ، قال : حدثنا أبو السكين زكريا بن يحيى بن عمر بن حصن بن حميد بن منهب بن حارثة بن خريم بن أوس بن حارثة بن لام الكوفي ، قال : حدثني عمر بن زحر بن حصن ، عن جده حميد بن منهب ، قال : كانت هند بنت عتبة عند الفاكه بن المغيرة المخزومي ، وكان الفاكه من فتيان قريش ، وكان له بيت للضيافة يغشاه الناس من غير إذن ، فخلا ذلك البيت يوما واضطجع الفاكه وهند فيه وقت القائلة ، ثم خرج الفاكه لبعض حاجته ، وأقبل رجل كان يغشاه فولج [ ص: 2472 ] البيت ، فلما رأى المرأة ، - يعني هندا - ولى هاربا ، وأبصره الفاكه وهو خارج من البيت ، فأقبل إلى هند فضربها برجله وقال لها : من هذا الذي كان عندك ؟ ! قالت : ما رأيت أحدا ، ولا انتبهت حتى أنبهتني . قال لها : الحقي بأبيك ، وتكلم فيها الناس ، فقال لها أبوها : يا بنية ، إن الناس قد أكثروا فيك فأنبئيني نبأك ، فإن يكن الرجل عليك صادقا دسست إليه من يقتله فتنقطع عنك القالة ، وإن يك كاذبا حاكمته إلى بعض كهان اليمن ، فحلفت له بما كانوا يحلفون به في الجاهلية إنه لكاذب عليها .

فقال عتبة للفاكه : يا هذا إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم فحاكمني إلى بعض كهان اليمن . فخرج الفاكه في جماعة من بني مخزوم ، وخرج عتبة في جماعة من بني عبد مناف ، وخرجوا معهم بهند ونسوة معها ، فلما شارفوا البلاد قالوا : غدا نرد على الكاهن ، تنكرت حال هند وتغير وجهها ، فقال لها أبوها : إني قد أرى ما بك من تنكر الحال ، وما ذاك إلا لمكروه عندك ، فألا كان هذا قبل أن يشهد الناس مسيرنا ؟ !

قالت : لا والله يا أبتاه ما ذاك لمكروه ، ولكني أعرف إنكم تأتون بشرا يخطئ ويصيب ، ولا آمنه أن يسمني ميسما يكون علي سبة في العرب ، قال : إني سوف أختبره من قبل أن ينظر في أمرك . فصفر بفرس حتى أدلى ثم أخذ حبة من حنطة فأدخلها في أحليله وأوكى عليها بسير .

فلما وردوا على الكاهن أكرمهم ونحر لهم ، فلما تغدوا ، قال له عتبة : إنا [ ص: 2473 ] قد جئناك في أمر وإني قد خبأت لك خبيا أختبرك به ؛ فانظر ما هو ؟ قال : نمرة في كمرة ، قال : أريد أبين من هذا ، قال : حبة من بر في إحليل مهر . قال : صدقت ، انظر في أمر هؤلاء النسوة ، فجعل يدنو من إحداهن فيضرب كتفها ويقول : انهضي ، حتى دنا من هند فضرب كتفها ، وقال : انهضي غير وسخا ولا زانية ، ولتلدن ملكا يقال له : معاوية .

فوثب إليها الفاكه فأخذ بيدها ، فنترت يدها من يده ، وقالت : إليك ، فوالله لأحرصن على أن يكون ذلك من غيرك ، فتزوجها أبو سفيان فجاءت بمعاوية [ رضي الله عنهم أجمعين ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية