صفحة جزء
197 - وحدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار ، قال : حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الصفار ، قال : حدثني محمد بن عبد الملك المصيصي - أبو عبد الله - قال : كنا عند سفيان بن عيينة في سنة سبعين ومائة ، فسأله رجل عن الإيمان فقال : " قول وعمل " قال : يزيد وينقص ؟ قال : " يزيد ما شاء الله ، وينقص حتى لا يبقى شيء منه مثل هذه " - وأشار سفيان بيده - قال الرجل : كيف نصنع بقوم عندنا يزعمون أن الإيمان قول بلا عمل ؟ ! قال [ ص: 558 ] سفيان : " كان القول قولهم قبل أن تنزل أحكام الإيمان وحدوده ، ثم إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة أن يقولوا : لا إله إلا الله ، وأنه رسول الله فإذا قالوها عصموا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقه ، وحسابهم على الله تعالى ، فلما علم الله صدق ذلك من قلوبهم ، أمره أن يأمرهم بالصلاة ، فأمرهم ففعلوا ، فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول ، فلما علم الله صدق ذلك من قلوبهم ، أمره أن يأمرهم بالهجرة إلى المدينة ، فأمرهم ففعلوا ، فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول ولا صلاتهم ، فلما علم الله صدق ذلك من قلوبهم ، أمره أن يأمرهم بالرجوع إلى مكة فيقاتلوا آباءهم وأبناءهم حتى يقولوا كقولهم ، ويصلوا صلاتهم ، ويهاجروا هجرتهم ، فأمرهم ففعلوا حتى أتى أحدهم برأس أبيه فقال : يا رسول الله هذا رأس الشيخ [ ص: 559 ] الكافر ، والله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول ، ولا صلاتهم ولا هجرتهم ولا قتالهم ، فلما علم الله صدق ذلك من قلوبهم أمره أن يأمرهم بالطواف بالبيت تعبدا ، وأن يحلقوا رؤوسهم تذللا ، ففعلوا ، والله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول ولا صلاتهم ولا هجرتهم ولا قتلهم آباءهم ، فلما علم الله صدق ذلك من قلوبهم أمره أن يأخذ من أموالهم صدقة تطهرهم ، فأمرهم ففعلوا ، حتى أتوا بها قليلها وكثيرها ، والله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول ولا صلاتهم ولا مهاجرتهم ولا قتلهم آباءهم ولا طوافهم ، فلما علم الله الصدق من قلوبهم فيما تتابع عليهم من شرائع الإيمان وحدوده ، قال له : قل لهم : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) .

قال سفيان : فمن ترك خلة من خلال الإيمان جاحدا كان بها عندنا كافرا ، ومن تركها كسلا أو تهاونا أدبناه ، وكان بها عندنا ناقصا ، هكذا السنة ، أبلغها عني من سألك من الناس " .

[ ص: 560 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية