صفحة جزء
ذكر تخليل اللحية مع غسل الوجه

اختلف أهل العلم في تخليل اللحية وغسل باطنها، فروي عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم أنهم كانوا يخللون لحاهم، فممن روي ذلك عنه، علي بن أبي طالب، وابن عباس، والحسن بن علي، وابن عمر، وأنس .

362 - حدثنا علي بن الحسن، نا الجدي، نا عبد الرحمن بن أبي الموال، حدثني الحسن بن علي بن محمد بن الحنفية، عن أبيه، عن جده، أن عليا كان إذا توضأ يخلل لحيته، وينضح فيها الماء، قال عبد الرحمن: رأيت عبد الله بن الحسن، والحسن بن علي يفعلان ذلك.

363 - حدثنا إسماعيل بن قتيبة، نا أبو بكر، نا عبد الله بن نمير، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يخلل لحيته.

364 - حدثنا يحيى بن محمد، نا الحجبي، نا أبو عوانة، عن أبي حمزة، قال: رأيت ابن عباس يخلل لحيته إذا توضأ من باطنها [ ص: 26 ] ويدخل أصابعه فيها، ويحك ويخلل عارضيه، ثم يفيض الماء على طول لحيته فيمسحها إلى أسفل.

365 - حدثنا إسماعيل، نا أبو بكر، نا معتمر بن سليمان، عن أبي معن، قال: رأيت أنسا توضأ، فخلل لحيته.

وهو قول عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعطاء بن السائب، وأبي ميسرة، ومجاهد، وابن سيرين .

وروي عن غير واحد أنهم رخصوا في ترك تخليل اللحية، روي ذلك عن ابن عمر.

366 - حدثنا علي بن الحسن، نا الجدي، نا حماد بن سلمة، عن يحيى البكاء ، أن ابن عمر كان يتوضأ، ولا يخلل لحيته [ ص: 27 ] .

وهذا قول طاوس، والنخعي، وأبي العالية، والشعبي، ومحمد بن علي، ومجاهد، والقاسم. وقال سعيد بن عبد العزيز، والأوزاعي: ليس عرك العارضين، وتسيير اللحية بواجب في الوضوء.

وكان الثوري، والأوزاعي، ومالك، والشافعي، وأحمد: لا يرون تخليل اللحية واجبا، وهذا قول أصحاب الرأي، وعوام أهل العلم يرون أن ما مر على ظاهر اللحية من الماء يكفي.

وأوجبت طائفة بل أصول شعر اللحية، وأوجب بعضهم غسل بشرة موضع اللحية، كان عطاء بن أبي رباح يرى بل أصول شعر اللحية.

وقال سعيد بن جبير: ما بال الرجل يغسل لحيته من قبل أن تنبت، فإذا نبتت تركها لم يغسلها.

وكان أبو ثور يوجب الإعادة على من ترك غسل أصول الشعر، [ ص: 28 ] وكان إسحاق يقول: إذا ترك التخليل عامدا أعاد.

قال أبو بكر: غسل ما تحت شعر اللحية في الوضوء غير واجب، إذ لا حجة تدل على إيجاب ذلك، بل الخبر والنظر يدلان على أن ذلك غير واجب فأما الخبر فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة يغرف غرفة لكل عضو.

367 - حدثنا إسماعيل، نا أبو بكر بن أبي شيبة، نا عبد الله بن إدريس، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس ، قال: توضأ النبي صلى الله عليه وسلم فغرف غرفة، فغسل وجهه، ثم غرف غرفة فغسل يده اليمنى .. وذكر الحديث، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم اللحية. .

.

368 - حدثنا محمد بن إسماعيل، نا أبي ، ويحيى بن عبد الحميد، قالا: نا يزيد بن هارون، أنا شريك، عن عبد الملك بن عمير، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن علي، أنه كان إذا نعت النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان ضخم الهامة، كثير شعر الرأس رجله، أبيض مشرب حمرة، عظيم اللحية ، وذكر الحديث . [ ص: 29 ]

قال أبو بكر: ومعلوم إذا كان ذلك، أن غسل باطن اللحية غير ممكن بغرفة واحدة، وكان يتوضأ بالمد، والمتوضئ بالمد غير قادر على غسل أصول شعر اللحية، وفي إجماع أهل العلم فيما أعلم أن المتيمم لا يجب عليه إمساس باطن اللحية الغبار، دليل على صحة ما قلنا، وذلك أن الوجه الذي أمر المتيمم أن يمسحه بالصعيد، هو الوجه الذي أمر المتوضئ أن يغسله بالماء، والأخبار التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خلل لحيته، قد تكلم في أسانيدها، وأحسنها حديث عثمان .

369 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن إسرائيل بن يونس، عن عامر بن شقيق، عن شقيق بن سلمة، أن عثمان توضأ فخلل لحيته، ثم قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله . [ ص: 30 ]

قال أبو بكر: ولو ثبت هذا، لم يدل على وجوب تخليل اللحية، بل يكون ندبا كسائر السنن في الوضوء.

التالي السابق


الخدمات العلمية