صفحة جزء
ذكر ما يستحقه الفارس والراجل من السهام

قال الله جل ذكره: ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ) الآية .

فأعلم الله - جل وعز - في كتابه من يستحق خمس الغنيمة، ولم يذكر في كتابه مستحقي أربعة أخماسها، فتولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم ذلك، وبيان مقدار ما يستحق الفارس والراجل منه، فأثبت للفارس ثلاثة أسهم: سهم له، وسهمان لفرسه .

6144 - حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن الوليد العدني، عن سفيان الثوري، حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم لرجل وفرسه ثلاثة أسهم، للرجل سهم، وللفرس سهمان .

6145 - وأخبرنا حاتم بن منصور، أن الحميدي حدثهم، حدثنا أبو أسامة حماد بن (أسامة) ، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن [ ص: 158 ] ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للفارس ثلاثة أسهم: سهم له، وسهمان لفرسه" .

6146 - حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثني زهير، حدثنا ابن فضيل، عن حجاج، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم، وللراجل سهما .

6147 - أخبرنا محمد بن عبد الله، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثني يحيى بن أيوب، حدثني إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، عن كثير مولى ابن مخزوم، عن عطاء، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم لمائتي فرس يوم خيبر سهمين سهمين .

6148 - حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا إسرائيل، عن الأسود بن قيس، عن كلثوم بن الأقمر الوادعي، عن منذر بن عمرو الوادعي، وكان عمر بعثه على خيل بالشام، ثم إن المنذر قسم للفرس سهمين، ولصاحبه سهما، ثم كتب إلى عمر بن الخطاب، فقال عمر: قد أحسنت .

6149 - وحدثنا علي، حدثنا حجاج، حدثنا حماد، قال: أخبرنا الحجاج، عن هانئ بن هانئ، وفلان بن فلان، أنهما كانا مع علي في [ ص: 159 ] مغزى له مع كل واحد منهما فرسان وعبد، فأسهم لكل فرس سهمين، وللرجل سهم، ولم يسهم للعبيد شيئا .

6150 - حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا سعيد، حدثنا حديج بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن [ حارثة] بن مضرب، عن عمر، أنه فرض للفرس سهمين، وللرجل سهما .

قال أبو بكر: وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز، وبه قال الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، ومكحول، وحبيب بن أبي ثابت، وهذا قول عوام علماء الأمصار في القديم والحديث، وممن قال ذلك مالك بن أنس، ومن معه من أهل المدينة، وكذلك قال الأوزاعي، ومن وافقه من أهل الشام، وبه قال سفيان الثوري ومن وافقه من أهل العراق، وهو قول الليث بن سعد ومن تبعه من أهل مصر، وكذلك قال الشافعي وأصحابه، وبه قال أحمد بن حنبل، وإسحاق بن [ ص: 160 ] راهويه، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد، ولا نعلم أحدا في القديم والحديث خالف ذلك، ولا عدل عن القول بما تثبت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه جمل أهل العلم في كل وقت، إلا النعمان فإنه خالف كل ما ذكرناه، فقال: لا يسهم للفرس إلا سهما واحدا، وخالفه أصحابه فبقي قوله مهجورا مخالفا للأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال الشافعي : فأما ما حكى أبو يوسف، عن أبي حنيفة أنه قال: لا أفضل بهيمة على مسلم، فلو لم يكن في هذا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون محجوجا بخلافه، كان قوله: لا أفضل بهيمة على مسلم خطأ، من جهتين:

أحدهما: أنه إن كان إنما أعطي بسبب الفرس سهمين; كان مفضلا له على المسلم، إذ كان إنما يعطي المسلم سهما انبغى له أن لا يسوي البهيمة بالمسلم، ولا يقربها منه، وإن كان هذا كلاما عربيا، وإنما معناه أن يعطي الفارس سهما له، وسهمان بسبب فرسه; لأن الله ندب إلى اتخاذ الخيل، فقال: ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ) ، وأعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما وصفنا، فإنما سهما الفرس لراكبه لا للفرس، والفرس لا يملك شيئا، إنما يملكه فارسه بغذاء الفرس، والمؤنة عليه فيه، وما ملكه به رسول الله صلى الله عليه وسلم . [ ص: 161 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية