صفحة جزء
ذكر الدعوى وأحدهما وقته قبل وقت صاحبه

كان الشافعي يقول : إذا كان العبد في يد رجل ، فأقام رجل البينة أنه له منذ سنتين ، وأقام الذي هو في يده البينة أنه له منذ شهر فهو للذي في يديه ، والوقت الأول والوقت الآخر سواء . الربيع أخبرني عنه . وحكى البويطي والربيع عنه أنه قال : وإذا كانت الدار في يد رجل ، فأقام رجل البينة أنها له منذ شهر ، وأقام الآخر البينة أنها منذ عشرة أشهر ، فإن كانت في يدي رجل أجنبي تحالفا ، وكانت بينهما نصفين . فإن كانت في يدي أحدهما كانت له مع يمينه . وهذه ليست متضادة ، وقد يمكن أن تكون الشهادتان صادقتين . قال البويطي : هي لأقدمهما ملكا . وقال أصحاب الرأي : إذا كان العبد في يد رجل فأقام رجل آخر البينة أنه عبده ملكه منذ سنة . وأقام الذي هو في يده البينة أنه له منذ سنتين . فإن أبا حنيفة كان يقول : هو للذي في يديه ، وقال أبو يوسف : هو للمدعي ، ولا أقبل من الذي هو في يديه البينة ثم رجع إلى قول أبي حنيفة وهو قول محمد .

وكان أبو ثور يقول : هو للذي في يده وذلك أنه قد ثبت على ملكه فلا يزول ملكه عنه إلا ببينة تشهد عليه أو إقرار منه أو يستحلف أنه ما خرج من ملكه منذ هاتين السنتين بوجه من الوجوه ، وقال أصحاب [ ص: 108 ] الرأي : إذا كانت أمة في يدي رجل فادعى رجل أنها له منذ سنة ، وأقام على ذلك بينة ، وادعى الذي هي في يديه أنها له منذ سنتين ، وأقام البينة أنها في يديه منذ سنتين وهو يدعي رقبتها ولم يشهدوا أنها له . موسى عنهم . وكذلك قال أبو ثور . قال أبو ثور : وذلك أنها قد تكون في يدي الذي هي في يده عارية أو وديعة أو إجارة . وقال أصحاب الرأي : إذا كانت الدابة في يدي رجل ، وأقام رجل البينة أنها له منذ سنة ، وأقام آخر البينة أنها له منذ سنتين ، فإنه يقضى بها لصاحب السنتين في قول أبي حنيفة وأبي يوسف - الآخر - ومحمد ، وأما قول أبي يوسف الأول فإنه يقضى بها بينهما نصفين . موسى عنهم . وقال أبو ثور بقول النعمان .

وقال أبو ثور : إذا الدابة في يدي رجل وأقام آخر البينة أنها له منذ عشر سنين ، فنظر الحاكم في سنها ، فإذا هي بنت ثلاث سنين يعرف ذلك كانت بينته باطلة ، وكانت للذي هي في يديه ويستحلف للمدعي ، وقال أصحاب الرأي : لا تقبل بينته على ذلك ، وقال أبو ثور ، وأصحاب الرأي : إذا كانت الدار في يد رجل فادعاها رجل وأقام البينة أنها له منذ سنة ، وأقام آخر البينة أنه اشتراها من آخر وهو يومئذ يملكها منذ سنتين فإنه يقضى بها لصاحب الشراء .

وقال أبو ثور : إذا كانت أرض في يد رجل فأقام رجل البينة أنه اشتراها من فلان بثمن مسمى ونقد الثمن فلا تقبل بينته على هذا حتى يشهدوا أنه باعها وهو يملكها فإن شهدوا أنها أرض هذا المدعي [ ص: 109 ] اشتراها من فلان بكذا وكذا وقبضها ونقد الثمن قبلت البينة على هذا وذلك أنهم قد شهدوا على ملك المدعي بالشراء وقبضها فلا تخرج من يده إلا ببينة تشهد عليه بإخراجها من يده أو بينة يستحق الأصل وقال أصحاب الرأي : هذا جائز . موسى عنهم .

وقال أبو ثور : ولو كانت دار في يد رجل يقر أنها للبائع ، ولا يدعي رقبتها ، قبلت من المشتري البينة ، وحكمت له على البائع إذا شهدوا أنه باعها وهو يملكها ، وأخرجتها من يد الذي هي في يديه ، ودفعتها إلى المشتري .

قال أبو بكر : هذا على مذهب الشافعي، لأنه يرى الحكم على الغائب ، وقال أصحاب الرأي : لا يقبل من المشتري البينة ؛ لأن خصمه غائب .

التالي السابق


الخدمات العلمية