صفحة جزء
ذكر الدعوى في الدار يدعيها ثلاثة نفر أو اثنان وهي في أيديهم أو يد غيرهم واختلاف الدعوى في ذلك

قال أبو بكر : وإذا كانت الدار في يد ثلاثة أنفس ، فادعى أحدهم أن له جميعها ، وادعى آخر أن له ثلثيها وادعى الثالث أن له نصفها فإن الدار في أيديهم أثلاثا ويحلف كل واحد منهما صاحبه على ما يدعي قبلهما [ ص: 147 ] فإذا حلف كانت الدار بينهم أثلاثا على ما بيد كل واحد منهم هذا قول أبي ثور .

وقال أصحاب الرأي : على كل واحد منهم البينة ، فإن لم تكن بينة فعلى كل واحد منهم اليمين على دعوى صاحبه ، فإن حلفوا جميعا ، فالدار بينهم أثلاثا لكل واحد منهم ما في يديه ، فإن قامت بينة لهم جميعا على ما ادعوا ، كان لصاحب النصف الثمن ، وكان لصاحب الثلثين الربع ، ولصاحب الجميع ما بقي وهو خمسة عشر سهما ؛ لأن صاحب النصف ادعى فضل سدس على ما في يديه ، نصف ذلك السدس في يدي صاحب الجميع ، فيأخذ ذلك منه ، ونصف ذلك السدس في يد صاحب الثلثين ، وقد أقام عليه صاحب الجميع البينة على كله ، فلصاحب النصف من ذلك النصف السدس نصفه وذلك ربع السدس ، وصاحب الثلثين قد ادعى فضل ثلث على ما في يدي صاحب الجميع من ذلك سدس تام فيأخذ منه كله ، وفي يدي الذي ادعى النصف سدس فيأخذ نصفه ، وما بقي فلصاحب الجميع .

وقال أبو ثور : والذي نقول به أنا نحكم لكل واحد بما زادته بينته على ما في يديه ، فلما كان صاحب الجميع في يده الثلث فشهدت له بينته بالكل حكمنا له على الآخرين بجميع ما في أيديهما وهو الثلثان ، فلما شهدت شهود صاحب النصف له بالنصف ، وكان في يديه الثلث كانت بينته قد زادته سدسا على ما كان في يده ، فحكمنا له على صاحب الجميع بسدس الدار ، وكذلك صاحب الثلثين لما شهدت له شهوده بزيادة ثلث على ما كان في يده وهو ثلث الدار حكمنا له بالثلث على صاحب [ ص: 148 ] الجميع ، فصار في يد صاحب الثلثين ثلث ، وصار في يد صاحب الجميع النصف ، فكانت الدار بينهم على ذلك .

وقال أصحاب الرأي : ولو كانت الدار في يد غيرهم ، والدعوى على ما سميت لك ، فإن ذلك في قول النعمان : لصاحب الجميع الثلث والسدس [بين ] صاحب الجميع وصاحب الثلثين نصفين والنصف الباقي بينهم أثلاثا .

وفي قول يعقوب ومحمد : الدار بينهم على ثلاثة عشر سهما لصاحب الجميع ستة ، ولصاحب الثلثين أربعة ، ولصاحب النصف ثلاثة .

وقال أبو ثور : القول في هذا واحد من قولين : أحدهما : أنهم لما ثبتوا على الدار فكانت الدار في أيديهم جميعا ، فالحكم فيها كما قلنا إذا كانت الدار في أيديهم في أول المسألة .

والقول الثاني : أن يضرب صاحب الجميع فيه بستة ، ويضرب صاحب الثلثين بأربعة ، ويضرب صاحب النصف بثلاثة بمنزلة غرماء ، سواء [لهم ] على رجل حق وقد ترك ستة آلاف درهم ، فأقام أحدهم البينة على ستة آلاف ، وأقام آخر بأربعة آلاف ، وأقام آخر بثلاثة آلاف انقسموا الستة على قدر ما ثبتوا فيضرب صاحب الستة بستة ، وصاحب الأربعة آلاف بأربعة ، وصاحب الثلاثة آلاف بثلاثة فيقتسمون المال على ثلاثة عشر سهما .

قال أبو بكر : وإذا كانت الدار في يد رجلين ، فادعى أحدهما النصف وادعى الآخر الكل ، فإن المدعي صاحب الكل ، فيقال لصاحب النصف : [ ص: 149 ] ما تقول فيما يدعي ، فإن أقر له به (دفع) ما في يده ، وإن أنكر حلف وكان النصف في يده كما كان . وهذا قول أبي ثور .

قال النعمان : صاحب النصف مصدق ؛ لأن النصف في يديه ولم يدع فضلا ، والذي ادعى الجميع مدع عليه البينة ، فإن قامت لهما البينة ، فإنه يقضى بالدار لصاحب الجميع . وهذا قول النعمان ، ويعقوب ، ومحمد .

قال أبو بكر : وإن كانت الدار في يد غيرهما والدعوى على ما وصفت ، وقامت لكل واحد منهما بينة ، فالقول في ذلك مثل القول في المسألة قبلها . هذا قول أبي ثور .

وقال النعمان : في هذا لصاحب الجميع ثلاثة أرباعها ، ولصاحب النصف ربعها ، من قبل أن النصف لصاحب الجميع لا حق للآخر فيه ، والنصف الباقي كل واحد منهما قد أقام عليه البينة فهو بينهما نصفان .

وقال يعقوب ، ومحمد : الدار بينهم على ثلاثة أسهم لصاحب الجميع الثلثان ، ولصاحب النصف الثلث يضرب كل واحد منهما في الدار بما شهدت به الشهود .

قال أبو بكر : وإذا كانت الدار في يد رجل منها منزل ، وفي يد آخر منها منزل آخر ، فادعى أحدهما نصفها فإن كانت الدار في أيديهما مشاعا وإنما [ . . . . . ] في المنزلين ، استحلف صاحب النصف لصاحب الجميع ، [ ص: 150 ] فإن حلف كانت الدار نصفها لصاحب النصف ، والباقي لصاحب الجميع وإن كان كل واحد منهما يزعم أن المنزل الذي في يده له فصاحب الجميع يدعي بما في يدي صاحب النصف ، فإن أقام عليه البينة وإلا حلف له . هذا قول أبي ثور .

وقال أصحاب الرأي : لصاحب الجميع المنزل الذي في يديه وله من الآخر نصفه .

قال أبو بكر : وإن كانت الدار في أيديهما لا يعرف شيء منها في يد واحد منهما دون صاحبه فهي بأيديهما نصفين . في قول أبي ثور ، والنعمان، ويعقوب ، ومحمد ، وبه نقول .

قال أبو بكر : والثياب والعروض والحيوان والعبد والأمة في ذلك واحد عندهم جميعا .

وقال أبو ثور ، وأصحاب الرأي : وإذا كانت سفلها في يد رجل ، وعلوها في يد رجل آخر ، وطرف العلو في الساحة ، فادعى كل واحد منهما أن الدار له ، أحلف كل واحد منهما على ما ادعى وكانت الدار في أيديهما كما كانت .

قال أبو بكر : وإذا كانت الدار في يد ثلاثة رهط ، فادعى واحد النصف ، وادعى آخر الثلث ، وادعى آخر السدس ، وجحد بعضهم دعوى بعض ، فإن الدار بينهم على ما يدعون فهو في أيديهم على ما يدعون بيد صاحب النصف النصف ؛ لأن أحدا منهم لا يدعي شيئا [ ص: 151 ] مما في يديه ، فإن كانت الدار في أيديهم أثلاثا ، فقال صاحب الثلث : أنا في يدي حقي ، وقال صاحب السدس : في يدي فضل سدس لا أدري لمن هو ؟ استحلف لصاحب النصف ، فإن حلف قيل لصاحب النصف تثبت على حقك . وهذا قول أبي ثور .

وقال أصحاب الرأي : في يد كل واحد منهم الثلث ، والثلث الذي يقع في يد صاحب السدس نصفه له ونصفه موقوف في يديه ، وإذا قامت البينة لصاحب النصف أخذ من يد كل واحد من صاحبه نصف السدس .

التالي السابق


الخدمات العلمية