صفحة جزء
ذكر الأخبار الدالة على أن القضاء بذلك يجب إذا منع الجار جاره أن يغرز خشبة في جداره .

6648 - أخبرنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : حدثنا وهيب بن جرير ، قال : حدثنا أبي ، قال : سمعت الزبير بن خريت يحدث عن عكرمة، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ليس لرجل أن يمنع جاره أن يضع خشبة في جداره " . [ ص: 161 ]

6649 - حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا إبراهيم بن إسحاق الزراد بتونس ، قال : أخبرنا ابن أبي فديك ، قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، عن سعد بن إبراهيم ، قال : سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ليس لأحد أن يمنع أخاه أن يضع خشبا فوق جداره " .

6650 - ومن حديث محمد بن معمر ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن جرير بن حازم ، قال : حدثنا الزبير بن خريت ، عن عكرمة ، قال : سمعت أبا هريرة يقول : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الجار يضع جذوعه في حائط جاره إن شاء ، وإن أبى . كتب إلي بعض أصحابنا يذكر أن محمد بن معمر حدثهم . [ ص: 162 ]

6651 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال : حدثنا الحجاج ، قال ابن جريج : أخبرني عمرو بن دينار ، أن يحيى بن هشام أخبره أن عكرمة بن سلمة بن ربيعة أخبره أن أخوين من بني المغيرة أقسم أحدهما أن لا يغرز الآخر خشبا في جداره ، فلقيا مجمع بن يزيد الأنصاري ورجالا كثيرا من الأنصار فقالوا : نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبا في جداره . فقال الحالف : يا أخي ، قد علمت أنك مقضي لك علي ، وقد حلفت فاجعل أسطوانا دون جداري ، ففعل الآخر فغرز في الأسطوان خشبة . قال عمرو : فأنا نظرت إلى ذلك .

قال أبو بكر : وقد اختلف في ذلك ، فكان مالك بن أنس يقول في قول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا يمنعن أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره الذي ملك " إنما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم تخصيصا ولا يقضى به على الناس وفي العمل به فضل ومكرمة .

قال مالك : وكان المطلب يقضي به . [ ص: 163 ]

وفيه قول ثان : وهو أن ذلك يجب ويحكم به . هذا قول أحمد بن حنبل ، وأبي ثور ، وطائفة من أهل الحديث .

سئل أحمد عن الرجل يريد أن يضع خشبة على حائط جاره فيمنعه ، قال : لو اختصم إلي لحكمت عليه أن يضعه إذا كان حائطا وسيقا لا يخاف عليه .

قال أبو بكر : وقد حكى مالك عن المطلب أنه كان يقضي به .

ومن حجة هذه الطائفة مع الحديث الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر روي عن عمر بن الخطاب يوافق هذا القول .

6652 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال : حدثنا القعنبي ، عن مالك ، عن عمرو بن يحيى المازني ، عن أبيه ، أن الضحاك بن خليفة ساق خليجا له من العريض فأراد أن يمر به في أرض لمحمد بن مسلمة فأبى محمد ، فقال الضحاك : لم تمنعني وهو لك منفعة تشرب به أولا وآخرا ولا يضرك ، فأبى محمد ، فكلم فيه الضحاك عمر بن الخطاب ، فدعا عمر محمد بن مسلمة فأمره أن يخلي سبيله ، فقال محمد : لا . فقال عمر : لم تمنع أخاك ما ينفعه وهو لك نافع تشرب أولا وآخرا ولا يضرك ؟ فقال محمد : لا والله . فقال عمر بن الخطاب : والله ليمرن به ولو على بطنك فأمر عمر أن يمر به ، ففعل . [ ص: 164 ]

قال مالك : أرى عمر بن الخطاب إنما قضى بذلك ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا ضرر ولا ضرار " .

قال أبو بكر : وهذه اللفظة "لا ضرر ولا ضرار " يرددها كثير من أهل العلم في كتبهم ولا أعلم ذلك يثبت متصلا ، ولا يجوز أن يطلق فيقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أن يكون ذلك موجودا بإسناد جيد .

6653 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا القعنبي ، عن مالك ، عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا ضرر ولا ضرار " .

قال أبو بكر : وهذا مرسل لا تقوم به الحجة ، وإنما روى هذا الحديث جابر الجعفي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس مرفوعا . [ ص: 165 ]

6654 - حدثناه النجار ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن جابر ، وجابر متروك الحديث عندهم لا يجوز الاحتجاج بحديثه من وجوه .

حدثونا عن عباس الدوري ، قال : حدثنا يحيى بن يعلى المحاربي ، عن زائدة قال : كان [جابر ] الجعفي كذابا يؤمن بالرجعة .

وحدثت عن أبي موسى الأنصاري ، قال : سمعت ابن عيينة يقول : جابر الجعفي يؤمن بالرجعة ، وحكى عباس الدوري ، عن أبي يحيى البكائي ، عن أبي حنيفة قال : ما رأيت رجلا أكذب قط من جابر الجعفي .

وحدثني محمد بن عيسى ، قال : حدثنا عمرو بن علي أبو حفص ، قال : كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عن جابر الجعفي .

وحدثنا محمد بن عيسى ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد - يعني الأموي - عن إسماعيل ، عن الشعبي أنه قال لجابر الجعفي : لا تموت حتى تأتيهم بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فما مات حتى أتاهم بالكذب .

وكان يحيى بن معين يقول : جابر الجعفي ليس بشيء كذاب لا يكتب حديثه . [ ص: 166 ]

وقال محمد بن نصر : سمعت إسحاق يقول : وقد قال قوم من أهل العلم : لا نروي عن جابر أصلا لاختلاط رأيه وحديثه وذلك أنه كان يقول : أردفني وصي الأوصياء - يعني أبا جعفر - ، فحفظت في ردفتي ألف حديث كل حديث يشق منه ألف حديث ، وعندي عن أبي جعفر اثنا عشر ألف حديث من غرائب الحديث ونحو هذا فقيل ذلك لابن عيينة فقال : كان يقول هذا وما هو أشد من هذا .

قال أبو بكر : فليس للاشتغال بحديث جابر معنى .

قال أبو بكر : وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من ضار أضر الله به " .

6655 - أخبرنا محمد بن إسماعيل، عن محمد بن يحيى بن حبان ، [ ص: 167 ] عن لؤلؤة عن أبي صرمة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من شق شق الله عليه ، ومن ضار أضر الله به " .

قال أبو بكر : في أمر النبي صلى الله عليه وسلم : "أن لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره " ، وقوله : "ليس لأحد أن يمنع جاره أن يضع خشبة في جداره " ، وقوله : "إذا أراد الرجل أن يبني فله أن يضع خشبة على جدار أخيه " ، مع الحرف الذي في خبر أبي عاصم إن شاء وإن أبى دلائل على أن ذلك أمر واجب من طريق الوجوب لا من جهة الندب ، ويؤيد ذلك يمين أبي هريرة : والله لأصوبن بها بين أكتافكم . وغير جائز على مثل أبي هريرة أن يحلف ويلزم الناس ما ليس بواجب . يبعد أمر التأديب والندب من ذلك كله ، وخبر عمر يدل على ذلك لو اقتصر عليه مقتصر فكيف والأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤيد ما قلناه . [ ص: 168 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية