صفحة جزء
ذكر الدعوى في واحد من وجهين

قال أبو بكر : وإذا كانت الدار في يد رجل ، فادعى رجل أن أباه مات وتركها ميراثا عند القاضي ، وجحد ذاك الذي هي في يده ، وقال المدعي : مات والدي منذ سنة وتركها ميراثا ، فسأله القاضي شهودا ، فأتاه بشهود فشهدوا أنه اشتراها من الذي هي في يديه منذ سنتين ، ولم يذكروا أباه ، فلا تقبل شهادتهم له وذلك أنه يكذب شهوده ، [ ص: 172 ] ويدعي خلاف ما شهدوا له . وهذا مذهب أبي ثور وأصحاب الرأي ، وكذلك لو ادعاها هبة أو صدقة لم تقبل بينته إذا شهدوا له بالشراء في قولهم جميعا .

وقال أبو ثور : لو أن عبدا في يد رجل ، فادعاه رجل أنه تصدق عليه بالعبد منذ سنة وقبضه منه ، والذي في يده العبد يجحد ، فسأله القاضي بينة ، فجاء ببينة فشهدت أنه اشترى هذا العبد من الذي هو في يده منذ سنتين لم تقبل شهادتهما ، وكذلك لو ادعى أول مرة الشراء ، ثم جاء بالشهود على الصدقة ، فإن ذلك لا يقبل منه . وهكذا قال أصحاب الرأي . فإن ادعى أنه تصدق به عليه وجحده الذي هو في يديه فأقام البينة أنه اشتراه منه منذ شهر ، وقال : جحدني الصدقة فاشتريته منه ، قبلت البينة ، وقضيت له به ، وذلك أن هذا يجوز أن يكون كما قال . وهذا قول أبي ثور ، وأصحاب الرأي ، ولو ادعى الشراء منه منذ سنة ، وقال : جحدني ، فسألته أن يتصدق به علي ففعل ، فأقام عليه البينة بالصدقة منذ شهرين . قبلت البينة عليه وقضيت له بالعبد ، وكذلك لو قال إن أباه مات منذ سنة وتركه ميراثا له لا وارث له غيره ، فجحدني ذلك فاشتريته منه منذ شهر ، وأقام على الشراء بينة ، قبلت ذلك منه ، وقضيت له بالعبد . وهذا كله قول أبي ثور ، وأصحاب الرأي .

ولو ادعى ميراثا من أبيه منذ سنة فسأله القاضي البينة على ذلك ، فقام من عند القاضي على ذلك ، ثم جاء ببينة فشهد على أنه اشتراه منه بعدما قام من عند القاضي وذلك أنه جحده ، فإني أقبل البينة على ذلك وأقضي له بالعبد . [ ص: 173 ]

وهذا مذهب أبي ثور ، وأصحاب الرأي ، وقالوا جميعا : إذا ادعى رجل أمة في يد رجل وقال : اشتريتها بعبدي هذا منذ سنة ، وجحد البائع فسأله القاضي البينة فجاء بشاهدين فشهدا أنه منذ قام من عند القاضي اشتراه بألف درهم ، وقال : جحدني البيع الأول ولم يكن له بينة ، فإنه تقبل بينته ويقضى له بالأمة .

وقالوا جميعا : إذا ادعى رجل عبدا في يدي رجل ، أو دارا ، أو شيئا من الحيوان والعروض أنه له ، وجحده الذي هو في يديه ، فسأله القاضي البينة فجاء ببينة أنه اشتراه من الذي هو في يده بثمن مسمى ونقده الثمن فثبتت بينته على ذلك وقضى له بالشيء ، لأنه بينته لم تخالف دعواه ، وكذلك لو شهدوا على هبة أو صدقة كان كذلك ، وكذلك لو جاء ببينة فشهد أن أباه مات وتركه ميراثا لا وارث له غيره قضيت بها له ؛ لأن بينته لم تشهد على خلاف ما ادعى ، وكذلك لو كان معه وارثا غيره ، فإنه يقضي له (بحقه) من ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية