صفحة جزء
ذكر ما اختلف فيه أهل العلم من فرائض الولد وولد الولد

اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابنتين ، وبني ابن ، وبنات ابن ، فروي عن علي بن أبي طالب ، وزيد بن ثابت ، وعائشة أنهم جعلوا ما فضل من الثلثين بين بني الابن ، وبنات الابن للذكر مثل حظ الأنثيين .

6758 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق قال : حدثنا الثوري ، عن معبد بن خالد ، عن مسروق في بنتين ، وبني ابن ذكورا وإناثا قال مسروق : كانت عائشة تشرك بينهم ، وكان ابن مسعود يقول : للذكران دون الإناث . [ ص: 386 ]

6759 - وحدثنا إسحاق قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة قال : قدم مسروق من المدينة ، فقال له علقمة : هل كان [أحد] من أصحابك أثبت عندك من عبد الله في هذا ، وكان عبد الله لا يشرك بينهم؟ قال : لا ، ولكني لقيت زيد بن ثابت ، وأهل المدينة وهم يشركون بينهم .

وهذا قول مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق .

وكان عبد الله بن مسعود يقول : الفاضل عن حق البنتين للذكران من ولد الابن دون البنات . وبه قال أبو ثور .

وقد احتج بعض من يقول بقول علي ، وزيد ، وعائشة بقول الله - تبارك وتعالى ( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) ، فأجمعوا أن الابنتين لو لم تكونا كان المال كله بين بني الابن وبنات الابن للذكر مثل حظ الأنثيين ، فلما أخذت الابنتان فرضهما قاموا فيما بقي من المال [ ص: 387 ] مقامهم في جميع المال ، وكان أخذ الابنتين الثلثين كأخذ الزوج الربع لو كان بدلهما ، فقد أجمعوا على أن الفاضل عن الزوج يكون بين بني الابن ، وبنات الابن للذكر مثل حظ الأنثيين ، فكذلك حكم الفاضل عن البنات كحكم الفاضل عن الزوج .

واحتج أبو ثور بأنهم لا يختلفون في ابنتين وبنت ابن وابن عم : أن للابنتين الثلثين ولابن العم ما بقي ، وليس لابنة الابن شيء ، فإذا كانوا يجعلون ما بقي له ، لأنه عصبة لا يعطون ابنة الابن شيئا ، إذا استكمل البنات الثلثين ، وإنما يعطون ما فضل العصبة ، فابن الابن من العصبة ، وابنة الابن ليست من العصبة إنما لها شيء مسمى ، وإنما تشارك الأخ إذا انفردت فكان لها سهم ، فإن كان معها أخ قاسمته .

واختلفوا في ابنة وبني ابن ، وبنات ابن ، ففي قول زيد بن ثابت : للابنة النصف ، وما بقي فبين بني الابن وبنات الابن للذكر مثل حظ الأنثيين ، وهذا قول مالك بن أنس ، وأهل المدينة ، وسفيان الثوري ، وأهل الكوفة ، وعامة أهل العلم . وفي قول عبد الله بن مسعود للابنة النصف ، وينظر فيما بقي ، فإن كان الذي يصير لبنات الابن إذا قاسم بهن الذكور أقل من السدس قاسم بهن الذكور فجعل ما يبقى بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، فإن كان الذي يصير إليهن في المقاسمة السدس فأكثر ، أعطاهن السدس ولم يقاسم بهن ولم يردهن على ذلك; لأن البنات عنده لا يزدن على الثلثين . [ ص: 388 ]

وأجمع أهل العلم في رجل توفي وترك ابنتين ، وابنة ابن أو بنات ابن ، وابن ابن ابن ، أو بني ابن ابن ، [أن] للابنتين الثلثين لا اختلاف فيه . واختلفوا فيما يفضل من المال عن الابنتين ، فروي عن علي بن أبي طالب ، وزيد بن ثابت أنهما قالا : ما فضل عن الثلثين للذكور الذين هم أسفل من بنات الابن يردون على من فوقهم ، ومن معهم ، ومن بحذائهم من بنات الابن ، إن كان بحذائهم ، أو معهم منهن أحد ، فيقاسمونهن للذكر مثل حظ الأنثيين .

6760 - حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا محمد بن بكار قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن ذكوان ، عن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد ، عن أبيه زيد بن ثابت ، أن معاني هذه الفرائض وأصولها كلها عن زيد بن ثابت ، وأما التفسير فتفسير أبي الزناد على معاني زيد بن ثابت قال : . . . . وإن لم يكن الولد إلا ابنة واحدة ، فترك ابنة ابن فأكثر من ذلك من بنات الابن ، بمنزلة واحدة ، فلهن السدس تتمة الثلثين ، فإن كان مع بنات الابن ذكر هو بمنزلتهن ، فلا سدس لهم ولا فريضة ، ولكن إن فضل فضل بعد فريضة أهل الفرائض كان ذلك الفضل لذلك الذكر ولمن بمنزلته من الإناث للذكر مثل حظ الأنثيين ، وليس [لمن] هو أطرف منهن شيء ، وإن لم يفضل شيء فلا شيء لهن . [ ص: 389 ]

وهذا قول مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، والشافعي ، وعامة أهل العلم ، وبه قال أصحاب الرأي ، وكان أبو ثور يقول بقول عبد الله بن مسعود ، وهو أن ما فضل لبني الابن دون بنات الابن .

التالي السابق


الخدمات العلمية