صفحة جزء
ذكر ولاء المملوك يعتق سائبة

ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "الولاء لمن أعتق " ، وجاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "الولاء لحمة كلحمة النسب ، لا يباع ولا يوهب " .

6945 - أخبرنا الربيع قال : أخبرنا الشافعي قال : أخبرنا محمد بن الحسن ، عن يعقوب ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "الولاء لحمة كلحمة النسب ، لا يباع ولا يوهب " . [ ص: 528 ]

قال أبو بكر : وقال بجملة هذا الحديث كثير من أهل العلم من أهل الحجاز والشام ومصر .

واختلفوا في ولاء العبد الذي يقول له مالكه : أنت حر سائبة لله ، أو سائبة لا ولاء لي عليك .

فقالت طائفة : إذا فعل ذلك بطل ولاؤه ، وللعبد المعتق أن يوالي من شاء ، فإن مات ولم يوال أحدا فميراثه للمسلمين وعقله عليهم .

كان عبد الله بن مسعود يقول : "السائبة يضع ماله حيث شاء " .

6946 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا شعبة ، عن سلمة ، عن أبي عمرو الشيباني قال : قال [عبد الله] : السائبة يضع ماله حيث شاء .

6947 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال : أخبرنا يزيد بن هارون قال : حدثنا سليمان ، عن أبي عثمان ، عن عمر بن الخطاب قال : الصدقة والسائبة ليومهما - يعني ليوم القيامة . [ ص: 529 ]

6948 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال : أخبرنا يزيد بن هارون قال : أخبرنا سليمان ، عن بكر بن عبد الله أن ابن عمر أتي بمال من مال مولى له فقال : إنما كنا أعتقناه سائبة ، فأمر أن يشترى به رقابا فيلحقونها به ، أي : يعتقونها .

وكتب عمر بن الخطاب في سائبة مات ولم يوال أحدا : أن ميراثه للمؤمنين وأنهم يعقلون عنه جميعا .

وقال عطاء : كنا نعلم إذا قال : أنت حر سائبة ، فهو يوالي من شاء ، وهو مسيب ، وإن لم يقل : وال من شئت .

وقال الزهري : يعقل عنه السلطان ويرثه ، وقال مرة : ميراثه في بيت مال المسلمين يرثونه ويعقلون عنه .

وكان النخعي والشعبي يقولان : لا بأس ببيع ولاء السائبة ولا هبته .

وقالت طائفة : ليس له أن يوالي أحدا وولاؤه لجماعة المسلمين وعقله عليهم . هذا قول مالك بن أنس .

وكان عطاء يقول : إذا لم يوال السائبة أحدا حتى مات دعي الذي [ ص: 530 ] أعتقه إلى ميراثه ، فإن قبله فهو أحق به وإلا ابتيع به رقابا فأعتقت .

وقال عمرو بن دينار : ما أرى إلا ذلك .

وقالت طائفة : المعتق سائبة كالمعتق غير سائبة والولاء لمن أعتق .

روي عن ابن مسعود أن رجلا جاءه فقال : إني أعتقت عبدا لي وجعلته سائبة في سبيل الله . قال : إن أهل الإسلام لا يسيبون إنما كانت تسيب أهل الجاهلية ، وأنت ولي نعمته ، وأنت أحق الناس بماله ، فإن تحرجت من شيء ، فذرنا نجعله في بيت المال ، قال : وكان قد توفي مولاه ذلك .

6949 - حدثنا علي بن الحسن قال : حدثنا عبد الله بن الوليد ، عن سفيان ، عن أبي قيس الأودي قال : حدثني هذيل بن شرحبيل ، عن عبد الله بن مسعود أنه قال ذلك .

وروي أن سالما مولى أبي حذيفة أعتقته امرأة من الأنصار سائبة ثم قالت : اذهب فوال من شئت ، فوالى أبا حذيفة ، فلما قتل يوم اليمامة دفع ميراثه إلى الأنصارية التي أعتقته أو إلى ابنها .

6950 - حدثناه إسحاق قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين عنه . [ ص: 531 ]

وممن قال بأن ولاء السائبة للذي أعتقه : الحسن البصري ، والشعبي ، وابن سيرين ، وراشد بن سعد وضمرة بن حبيب ، والشافعي ، والذي نقول به أن ولاء السائبة لمعتقه إذ هو داخل في جملة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الولاء لمن أعتق " وغير خارج منه بكتاب ولا سنة ولا إجماع .

وقد اختلفت الأخبار عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ، وليس في أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة ، وشراء ابن عمر بما ورثه عن مولاه الرقاب يدل على أنه كان يرى أن المال له ، ولكنه تقرب إلى الله بشراء الرقاب ، ولو كان الشيء لغيره لم يكن يشتري بما لا يملكه رقابا إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية