صفحة جزء
ذكر الشهادة على الرضاع

اختلف أهل العلم في البينة الذي يجب قبولها في الرضاع. فقالت طائفة: لا يقبل في ذلك أقل من أربع نسوة، كذلك قال عطاء ، وقتادة .

وقال الشعبي : في شهادة النساء على ما لا يراه الرجال أربع .

وقالت طائفة: يجوز رجلان، أو رجل وامرأتان. هكذا روي عن عمر بن الخطاب .

7445 - حدثنا محمد بن علي ، حدثنا سعيد، حدثنا هشيم ، أخبرنا ابن أبي ليلى ، والحجاج ، عن عكرمة بن خالد المخزومي، أن عمر بن الخطاب أتي في امرأة شهدت على رجل وامرأته أنها أرضعتهما فقال: لا، حتى يشهد رجلان أو رجل وامرأتان .

وكان الشافعي يقول: ولو رأى ذلك رجلان، أو رجل وامرأتان جازت شهادتهما، ولا تقبل من النساء بينة أقل من أربع .

وكان ابن أبي ليلى يقول: امرأتين ورجل . [ ص: 577 ]

وقال أصحاب الرأي: لا يجوز حتى يشهد رجلان، أو رجل وامرأتان .

وفيه قول ثالث: قال الحكم: ثنتين، يعني امرأتان .

وفيه قول رابع: وهو أن شهادة المرأة الواحدة جائزة في الرضاع إذا كانت مرضية، وتستحلف مع شهادتها. كذلك قال ابن عباس .

7446 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس قال: شهادة المرأة الواحدة جائزة في الرضاع إذا كانت مرضية وتستحلف مع شهادتها .

قال: وجاء ابن عباس رجل فقال: زعمت فلانة أنها أرضعتني وامرأتي وهي كاذبة، فقال ابن عباس : انظروا، فإن كانت كاذبة فسيفنيها بلاء، فلم يحل [الحول] حتى برص ثديها .

وممن رأى أن شهادة المرأة الواحدة تجوز: طاوس والزهري والأوزاعي ، وسعيد بن عبد العزيز ، وابن أبي ذئب .

وقال أحمد، وإسحاق كما قال ابن عباس ، قالا: فإن كانت كاذبة تبيض ثديها فلا تستحلف في الولادة .

قال أبو بكر : وقد يجد من قال بهذا القول مذهبا لقوله: وذلك لحديث [ ص: 578 ] .

7447 - حدثناه إسحاق ومحمد بن علي قالا: أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا ابن جريج ، أخبرني ابن أبي مليكة ، أن عقبة أخبره - أو سمعه منه إن لم يكن خصه به - : أنه نكح ابنة أبي إهاب، فقالت أمة سوداء: قد أرضعتكما. قال: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فأعرض، فجئت إليه الثانية، فذكرت ذلك له، فقال: "كيف وقد زعمت [أن قد] أرضعتكما، ونهاه عنها" .

7448 - حدثنا إسحاق ومحمد بن علي، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن ابن أبي مليكة ، عن عبيد بن أبي مريم، عن عقبة بن الحارث، قال ابن أبي مليكة : وقد سمعته من عقبة أيضا قال: تزوجت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءت أمة سوداء، فزعمت أنها أرضعتنا جميعا. قال: فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت له ذلك، وقلت: إنها كاذبة، فأعرض عني، فتحولت من الجانب الآخر، فقلت: يا رسول الله إنها كاذبة. قال: "وكيف تصنع بقول هذه، دعها عنك" .

قال معمر : وسمعت غيره يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم "كيف بك وقد قيل"
.

قال أبو بكر : يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بتركها من جهة الورع لا لزاما وفرضا . [ ص: 579 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية