صفحة جزء
ذكر المرء يشتغل بالعبادة عن حقوق الأهل

كان سفيان الثوري يقول في المرأة تشكو زوجها أنه لا يأتيها، قال: له ثلاثة أيام ولها يوم وليلة.

كذلك قال أبو ثور .

وقال مالك في الذي يكف عن جماع امرأته من غير ضرورة ولا علة: لا يترك حتى يجامع أو يفارق على ما أحب أو كره؛ لأنه مضار بهذا.

وكان الشافعي يقول: يؤمر بتقوى الله، وأن لا يضرها في الجماع، ولا يفرض عليه منه شيء بعينه، إنما يفرض نفقة، وسكنى، وكسوة، وأن يأوي إليها.

وقال أصحاب الرأي: يؤمر أن يبيت عندها، ويفرض لها.

قال أبو بكر: أعلى شيء روي في هذا الباب وأحسنه حديث عمر بن الخطاب أن امرأة جاءت فقالت: يا أمير المؤمنين زوجي خير الناس، يقوم الليل، ويصوم النهار، والله إني لأكره أن أشكوه، وهو يعمل بطاعة الله، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

فقال كعب بن سور : [ ص: 41 ] ما رأيت كاليوم شكوى أشد ولا عدوى [أجمل] فقال عمر: ما تقول؟ فقال: تزعم ليس لها من زوجها نصيب، قال: فإن فهمت ذلك فاقض بينهما، فقال: يا أمير المؤمنين [أحل] الله من النساء مثنى وثلاث [ورباع] فلها من كل أربعة أيام يوم، يفطر فيه ويقيم عندها، ومن كل أربع ليال ليلة يبيت عندها.

7503 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي أنه قال: أتت امرأة عمر فقالت: يا أمير المؤمنين ...

قول الله - جل ذكره - : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا ) الآية.

كان علي بن أبي طالب يقول في هذه الآية: ذلك الرجل تكون له المرأتان فتعجز إحداهما أو تكون دميمة، فيصالحها على أن يأتيها كل ليلتين وثلاثة مرة.

قال ابن عباس في هذه الآية: تكون المرأة عند الرجل قد كبرت وقد ولدت، فيقول لها: ترضين مني يوما في شهر أو أقل؟ فهو قوله: (أن يصالحا بينهما صلحا) فما اصطلحا عليه من ذلك فهو جائز. [ ص: 42 ]

7504 - حدثنا علي بن الحسن، حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدي، حدثنا حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن خالد بن عرعرة قال: [لما] قتل عثمان ذعرني ذلك ذعرا شديدا، فعرضت لي حاجة في السوق، فإذا علي بن أبي طالب، فقام رجل فقال: أخبرنا عن هذه الآية: ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا ) قال: عن مثل هذا فسلوا، ذلك الرجل تكون له امرأتان فتعجز إحداهما أو تكون دميمة، فيصالحها أن يأتيها كل ليلتين أو ثلاثة مرة.

7505 - حدثنا موسى، حدثنا خلف، حدثنا خالد، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قول الله - جل ذكره - : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما ) : ونشوزها أن تكون عنده المرأة قد كبرت وقد ولدت، فيقول لها: ترضين مني يوما في شهر أو أقل أو أكثر؟ فهو قوله: (أن يصالحا بينهما صلحا) فما اصطلحا عليه من ذلك فهو جائز. [ ص: 43 ]

وقالت عائشة في هذه الآية: ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا ) .... الآية، قالت: هذه امرأة تكون دميمة، أو لا يحبها زوجها فتصالحه فتقول: لا تطلقني وأنت في حل من شأني.

7506 - حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا حجاج، حدثنا حماد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة .

وقد اختلف أهل العلم في الرجل ينكح المرأة ويصالحها على صلح ثم ترجع عنه.

فقالت طائفة من أهل العلم: لها أن ترجع في ذلك، وعليه أن يوفيها حقها، روي هذا القول عن عطاء، وكذلك قال سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد. [ ص: 44 ]

وقال أبو ثور، وأصحاب الرأي: الصلح في ذلك جائز، وما أحفظ عنهم في الرجوع شيئا.

وقال معمر: لها أن ترجع، وليس شرطهم بشيء، إذا شرط أن يؤثر عليها.

وكان سفيان الثوري يقول: في الرجل ينكح المرأة على أن لك يوما، ولفلانة يومين: الشرط باطل.

وكان الزهري يقول: أن يخطب الرجل المرأة ويشرط أن لها يوما ولفلانة يومين، ويقول: إنما الصلح بعد الدخول، وليس الصلح قبل الدخول.

وفيه قال [الحسن في الرجل] إذا صالح المرأة على صلح من يومها، قال: إذا رضيت فليس لها أن ترجع.

وكان مالك يكره أن تنكح المرأة ... بأنه يقسم لها ... الثلاث في الليالي ... [ ص: 45 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية