صفحة جزء
ذكر الطلاق يكون بعده الرجعة ثم الطلاق

قال الله - جل من قائل - : ( وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ) .

وروي عن الحسن أنه سئل عن هذه الآية، فقال: كان الرجل يطلق المرأة، ثم يراجعها ثم يطلقها ثم يراجعها يضارها، فنهاهم الله - تبارك وتعالى - عن ذلك. وروي نحو من هذا القول عن مجاهد، ومسروق، والضحاك، والشعبي، وقتادة . [ ص: 532 ]

واختلفوا فيما يجب على زوجة من فعل بها ذلك ضرارا، أو غير ضرار، ومتى تنقضي إذا طلقها ثم راجعها ثم طلقها؟ فقال أكثر أهل العلم: عدتها من الطلاق الآخر .

قال أبو قلابة: إذا راجعها بلسانه، فهي رجعة، فإن طلقها قبل أن يجامعها: استأنفت العدة، وهدمت الرجعة العدة الأولى، وكذلك قال حماد بن أبي سليمان .

وقال سفيان الثوري : اجتمع الفقهاء عندنا على ذلك .

وقال الزهري : إذا راجعها اعتدت من آخر التطليق وإذا لم يراجعها اعتدت من أول الطلاق .

وقال جابر بن زيد: تعتد من يوم طلقها .

قال ابن جريج وقال عمرو، وعبد الكريم، والحسن بن مسلم وغيرهم، وطاوس، وممن قال بأنها تعتد من يوم طلقها الطلاق الآخر: مالك بن أنس، وابن جابر، وسعيد بن عبد العزيز، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي .

وكان الشافعي يقول: وفيها قولان: أحدهما: أن تعتد من الطلاق الآخرة عدة مستقبلة، والقول الثاني: أن العدة من الطلاق الأول . [ ص: 533 ]

وكان المزني يميل إلى القول الأول من قول الشافعي .

وقد حكي عن عطاء بن أبي رباح قول ثان: وهو أنه إذا طلقها فاعتدت بعض عدتها، ثم راجعها في عدتها وتلا ( ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ) قال ابن جريج: وأقول أنا إنما ذلك في النكاح، وهذا ارتجاع .

قال أبو بكر: كان قياس ما احتج به عطاء من قوله عز وجل ( ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن ) أن لا يكون عليها عدة، وقد سمعت بعض من لا (يعتد) بقوله. والقول الأول أولى القولين. والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية