صفحة جزء
ذكر اختلاف أهل العلم في هذا الباب

واختلفوا في الرجل يبيع الدابة ويشترط ظهرها إلى مكان معلوم أو وقتا معلوما .

فقالت طائفة : البيع جائز ، والاستثناء ثابت . وممن أجاز ذلك : الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأبو نصر ، وأهل الحديث ، واحتجوا بحديث جابر ، وهذا يشبه مذاهب الشافعي على ما قد ذكرته أن القول يجب [بالسنة ] .

وقالت طائفة : البيع باطل . / هذا قول الشافعي ، وأصحاب الرأي .

وفرقت طائفة بين القليل منه والكثير فقالت : إن اشترط ركوبا إلى مكان قريب فجائز ، وإن كان مكانا بعيدا فهو مكروه . هذا قول مالك . [ ص: 319 ]

قال أبو بكر : وبالسنة الثابتة أقول ، فلا يحل لمسلم تصح عنده سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتخلف عن القول بها .

وكذلك الدار تباع ويستثنى سكنها وقتا معلوما . والعبد يباع ويستثنى منه خدمة معلومة ، وكل ما ذكرناه فهو استثناء منفعة معلومة من غير معروف تنعقد عليها الإجارات . وكل ما ذكرناه داخل في معنى خبر جابر بن عبد الله .

8127 - حدثنا محمد بن بكير ، قال : حدثنا بندار قال : حدثني يحيى ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن مرة قال : اشترى عثمان دارا من صهيب على أن يسكن فيها كذا وكذا .

قال أبو بكر : وحديث جابر يستغنى به عن كل قول ، وإنما نهى أن يستثنى مجهولا من معلوم ، فأما إذا علم المستثنى فذلك جائز .

8128 - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، قال : حدثنا عباد بن العوام ، عن سفيان بن حسين ، عن يونس بن عبيد ، عن عطاء ، عن جابر أن النبي عليه السلام نهى عن الثنيا إلا أن تعلم .

قال أبو بكر : ومن خالفنا وخالف حديث جابر يجيز أن يستثني برأيه فيما لا سنة فيه . الدار يبيعها الرجل وقد أكراها من آخر وقتا معلوما سكناه للمكتري على المشتري إلى انقضاء المدة ، فإذا أجاز هذا ولا سنة فيه برأيه ، فالسنة الثابتة أولى أن يستثني بها . والله أعلم . [ ص: 320 ]

8129 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو النعمان ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، قال : حدثنا أيوب ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله قال : أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أعيا علي بعير لي ، قال : فدعا ثم قال : "اركب" ، ثم نخسه بعود معه . قال : فوثب ، وقال رسول الله : "استمسك " . وقال : فأتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم [فقال ] : "تبيعني بعيرك يا جابر ؟ " قال : قلت : نعم أبيعك بخمس أواق ولي ظهره حتى أبلغ . قال : فجعل لي ظهره حتى بلغت فلما قدمت أتيته به فنقدني خمس أواق وزادني قيراطا ، ثم وهبه لي بعد .

التالي السابق


الخدمات العلمية