صفحة جزء
باب ذكر اختلاف أهل العلم في هذا الباب

اختلف أهل العلم فيمن باع عبدا وله مال .

فقال أكثر أهل العلم بظاهر خبر ابن عمر هذا : أن ماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع ماله يكون له . كذلك قال عمر بن الخطاب ، وقضى به شريح .

8141 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا القعنبي ، عن مالك ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، أن عمر بن الخطاب قال : من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع .

قال أبو بكر : وهذا قول طاوس ، ومالك بن أنس ، والشافعي ، [ ص: 329 ] وأحمد ، وإسحاق . وقال رجاء بن حيوة ، وعبادة بن نسي ، وعدي بن عدي ، ومكحول ، وسليمان بن موسى ، ويزيد بن يزيد بن جابر ، ويحيى بن جابر ، والقاسم بن عبد الرحمن ، ويزيد بن أبي مالك ، والمتوكل بن عقبة المحاربي في الجارية تباع من المغنم ومعها حلي أو مال : هو مغنم فليردها إلى غنائم المسلمين .

وقالت طائفة : ماله للمشتري . روينا هذا القول عن ابن عمر ، وبه قال النخعي ، والحسن البصري ، وشريح ، وروي ذلك عن الشعبي .

8142 - حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا فضيل - يعني ابن سليمان - ، قال : حدثنا موسى بن عقبة قال : أخبرني نافع ، عن ابن عمر قال : من باع وليدة قد زينها ، فإن للذي اشتراها ما عليها إلا أن يشترط المبتاع الذي باعها ما عليها .

8143 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا قتيبة ، قال : حدثنا يعقوب - يعني الإسكندراني - عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، أن ابن عمر قال : من زين وليدة وباعها ، للذي اشتراها ما عليها إلا أن يشترط المبتاع [ما ] عليها .

قال أبو بكر : ظاهر خبر ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن الحلي الذي تزين به الجارية للبائع إلا أن يشترط المبتاع .

واختلفوا في العبد يباع وله مال يعلم قدره أو لا يعلم اشترطه المشتري .

فقالت طائفة : هو للمشتري عرضا كان أو نقدا أو دينا ، يعلم به أو لا يعلم ، وإن كان ملك العبد أكثر مما اشتري به ، فإن ذلك جائز ، [ ص: 330 ] كان ثمنه الذي اشتراه به نقدا أو عرضا . هذا قول مالك .

وقال إسحاق : ماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع قل أو كثر . وبه قال أبو عبيد ، وأبو ثور .

فقالت طائفة : إذا باع الرجل عبدا وله مال ، فماله للبائع كالعبد ، فإن اشترط المبتاع ماله ، فإنما يشتري به ويشتري ماله معه ، فما جاز له أن يبيعه من ماله ، جاز أن يبيعه من مال عبده ، وما حرم من ذلك حرم من هذا ، فإن كان للعبد ذهب لم يجز أن يباع بالذهب ، أو فضة لم يجز أن يباع بالفضة ، فإن الذهب والفضة أقل من الثمن أو أكثر ، فإن كان مال العبد مجهولا ، أو كان دينا فاشتراه بدين لم يجز . هذه حكاية بعض أهل مصر عن الشافعي ، وقد كان إذ هو بالعراق يميل إلى قول المزني .

قال أبو بكر : إذا اشترى المرء عبدا وله مال فاشترط المشتري ماله ، فماله له عينا كان أو دينا ، أقل مما اشتراه به أو أكثر ، علم مقداره أو خفي ذلك عليه ، بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك حكما عاما ، ولو كان للنبي عليه السلام في شيء من ذلك مراد لبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن البيان إلى غيره ، إذ قد علم أن أموال العبيد تختلف فلما عم بقوله : "فماله للمشتري" لم يكن لأحد أن يستثني من السنة إلا بمثلها ، وليس اشتراط المشتري ماله شراء لماله ، إنما شرط على بائعه أن لا يأخذ من العبد ماله ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للبائع عند البيع أخذ ماله إلا أن يشترط المشتري ماله ، فإذا اشترط ماله لم يكن للبائع أخذه . [ ص: 331 ]

قال أبو بكر : وقد شبه بعض الناس شراء العبد بشرط ماله بالدار تشترى ويشترط طرقها ومسايل مياهها وآبارها ، ولا يدرى كم الطريق ومسيلة الماء والآبار ، ولو أفرد حق الدار من الطرق وما ذكرناه فبيع لم يجز ، وهو في مال البيع تبع للدار .

قال : فكذلك مال العبد تبع للعبد بالشرط .

التالي السابق


الخدمات العلمية