صفحة جزء
كتاب الرهن

ذكر إباحة الرهن في الحقوق تكون للمرتهن على الراهن

قال الله عز وجل : ( وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة ) الآية .

8344 - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، قال : حدثنا روح ، قال : حدثنا هشام بن حسان ، قال : حدثنا عكرمة ، عن ابن عباس قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم توفي ودرعه رهن بثلاثين صاعا من شعير كان أخذه لأهله من يهودي .

8345 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، قال : أخبرنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا هشام ، عن قتادة ، عن أنس ، أنه مشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبز شعير وإهالة سنخة ، قال : ولقد رهن درعا له بالمدينة عند يهودي فأخذ [منه ] شعيرا لأهله . [ ص: 520 ]

قال أبو بكر : فالرهن جائز بكتاب الله في السفر ، وهو جائز في الحضر بالسنة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد رهن درعه بالمدينة وهو حاضر غير مسافر .

وممن قال بظاهر هذا الحديث : سفيان الثوري ، ومالك بن أنس ، والشافعي ، وعبيد الله بن الحسن ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي ، ولا نعلم أحدا خالف ذلك في القديم والحديث إلا مجاهد فإنه ذكر أن ليس الرهن إلا في السفر .

8346 - حدثنا زكريا ، قال : حدثنا ابن أبي عمر ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( فرهان مقبوضة ) قال : ليس الرهن إلا في السفر . [ ص: 521 ]

قال أبو بكر : وقد يبيح الله الشيء في كتابه بشرط ، ثم يبيح ذلك الشيء بغير ذلك الشرط على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، فالرهن جائز في السفر بالكتاب ، وفي الحضر بالسنة ، وبه قال عامة العلماء .

8347 - حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب ، قال : أخبرنا يعلى ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة قالت : اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما من يهودي بنسيئة ورهنه درعا له من حديد .

قال أبو بكر : وهذا الخبر يدل على إباحة أن يرهن المسلم الذمي ما يجوز ملكه ويشتري منه ويبيعه .

واختلفوا في الرجل يبيع للرجل الشيء على أن يرهنه من ماله شيئا قد عرفه البائع والمشتري .

فقال كل من نحفظ عنه من أهل العلم : لا يكون الرهن إلا مقبوضا ، فإن امتنع الراهن أن يقبض المرتهن الرهن لم يجبر على ذلك . [في ] قول الشافعي وأصحاب الرأي ، وللبائع الخيار في قول الشافعي في إتمام [ ص: 522 ] البيع بلا رهن أو رد البيع . وكان أبو ثور يقول : آخذ الرهن إن كان قائما فأدفعه إلى المرتهن ، وذلك أن العقد قد وقع عليه ، فلما منعه كان بمنزلة البيع .

التالي السابق


الخدمات العلمية