صفحة جزء
ذكر اختلاف أهل العلم في الرهن يهلك عند المرتهن

افترق أهل العلم في الرهن يتلف عند المرتهن خمس فرق : فقالت فرقة : يترادان الفضل . روي هذا القول عن علي بن أبي طالب ، وبه قال عبيد الله بن الحسن ، وأبو عبيد ، وإسحاق بن راهويه ، وروي ذلك عن عطاء .

8348 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا همام بن يحيى ، قال : أخبرنا قتادة ، عن خلاس ، أن عليا قال في الرهن : يترادان الزيادة والنقصان ، فإن أصابته جائحة برئ . [ ص: 523 ]

وقالت فرقة : إذا تلف الرهن كان من مال الراهن ، وحق المرتهن ثابت على الراهن .

كذلك قال الشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وأبو ثور .

وقالت فرقة : إن كان الرهن أكثر مما رهن به فهلك فهو بما فيه ، والمرتهن أمين في الفضل ، وإن كان أقل رد عليه النقصان .

هكذا قال النخعي ، وسفيان الثوري ، وأصحاب الرأي .

وقالت فرقة : ذهبت الرهان بما فيها . يروى هذا القول عن شريح .

والحسن ، والشعبي .

وقالت فرقة : إن كان الرهن [مما يظهر تلفه مثل ] حيوان أو أرض أو دار فهلك في يدي المرتهن فعلم هلاكه أنه من الراهن ، فإن ذلك لا ينقص من حق المرتهن شيئا ، وما كان من رهن يهلك من يدي المرتهن فلا يعلم هلاكه إلا بقوله : فهو من المرتهن وهو بقيمته ضامن .

هذا قول مالك بن أنس رحمه الله .

وفيه قول سادس : وهو إن كان الرهن ذهبا أو فضة يترادان الفضل ، وإن كان حيوانا فهو بما فيه .

قال أبو بكر : وبقول الشافعي أقول ، وذلك أنهم قد اتفقوا أن للمرتهن مطالبة الراهن بما عليه من المال والرهن بيده ، وأجمعوا أن الراهن لا يحل له أن يجحده المال في هذه الحال ، وأن المال في ذمته ، والرهن قائم . [ ص: 524 ]

وأجمعوا أن الرهن لو كانت قيمته عشرة دنانير ثم صار قيمته مائة دينار أن ذلك للراهن ، ولو رجع إلى أن يسوى خمسة دنانير كان للراهن ، فلما أجمعوا على ثبوت ملك الراهن عليه ولم تقم حجة أن للمرتهن فيه شيئا فتلف كان من مال المالك .

8349 - قال : حدثنا أبو الحسن الأصبهاني بمصر قال : حدثنا عبد الله بن عمران العابدي قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن زياد بن سعد ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه " .

التالي السابق


الخدمات العلمية