صفحة جزء
ذكر قوله : "لا يغلق الرهن"

قال بعض أهل العلم : معنى قوله : "لا يغلق الرهن" أن يرهن الرجل الرجل الرهن بالشيء وفيه فضل عما رهن به ، فيقول الراهن للمرتهن : إن جئتك بحقك إلى أجل كذا وكذا ، وإلا فالرهن لك بما فيه . هذا قول مالك ، وبه قال الثوري ، وأحمد ، وقال الشافعي بقول معناه : أن المرتهن لا يستحقه بأن يدع الراهن قضاء حقه عند محله . وروي عن ابن عمر أنه سئل عن الراهن يرهن الرهن فيقول : إن لم أجئك به إلى كذا وكذا فهو لك ، قال : ليس ذلك له .

8350 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا أبو بكر ، حدثنا حفص ، عن موسى بن عبيدة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر أنه سئل عن الرجل يرهن الرهن فيقول : إن لم أجئك به إلى كذا وكذا فهو لك . قال : ليس ذلك له .

وكذلك قال النخعي أنه رهن على حاله ، والرهن لا يغلق ، وروي معنى هذا عن شريح ، وبه قال أصحاب الرأي .

وقال الشافعي : الرهن مفسوخ ، ولا يكون مبيعا له . [ ص: 530 ]

قال أبو بكر : لا ينعقد البيع في هذا ، وذلك إذا قال له : إن لم تأتني بحقي إلى كذا فالرهن بيع لك ، لأن هذا من بيوع الغرر ، وفي معنى بيع الملامسة وبيع الحصاة .

واختلفوا في الرجل يرهن عند الرجل الرهن ويجعل له البيع إذا حل الحق .

فقالت طائفة : ليس له ذلك ، ولا يجوز بيعه إلا بأن يحضر رب العبد أو يوكل معه حتى لا يكون وكيلا بالبيع لنفسه ، فإن باع لنفسه فالبيع مردود بكل حال . كذلك قال الشافعي ، وقال : يأتي الحاكم حتى يأمر من يبيع ، وكذلك قال مالك : لا يبيع ذلك وإن اشترطه إلا بأمر السلطان . وروي عن إبراهيم النخعي نحو هذا القول .

وقال ابن سيرين : لا يباع الرهن إلا عند سلطان .

وفيه قول ثان : وهو أن له أن يبيع إذا كان الراهن قد جعل ذلك إليه .

هذا قول ابن شبرمة . وقال الثوري : لا يعجبني أن يبيع لنفسه ، وإن باع كما أمره فبيعه جائز .

وقال أحمد : بيعه جائز إذا وكله ببيعه . وكذلك قال إسحاق ، وحكي عن الليث بن سعد أنه قال : لو فعل - يعني لو باع - لم أر به بأسا ، ويأمر السلطان أن يبيعه أحب إلي . [ ص: 531 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية