صفحة جزء
الوديعة يختلف فيها المستودع والمستودع

أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن المودع إذا أحرز الوديعة ثم ذكر أنها ضاعت أن القول قوله .

وقال أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم : القول قوله مع يمينه .

واختلفوا في المودع يقول للمودع : قد رددتها إليك .

فقالت طائفة : القول قول المودع مع يمينه .

هذا قول سفيان الثوري ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، [ ص: 314 ] وأصحاب الرأي ، وحكي ذلك عن يحيى الأنصاري .

وفيه قول ثان : قاله مالك ، قال مالك في الرجل يستودع الرجل وديعة أو يقارضه : فإن كان إنما دفع إليه المال ببينة فإنه لا يبرأ من المال إذا قال : قد دفعته إلا أن تكون له بينة .

وإن كان رب المال دفع المال بغير بينة فالقول قول المستودع والمضارب إذا قال رددته عليك . ابن القاسم عنه .

وحكى ابن وهب أنه قال : إذا قال : لفلان عندي ألف درهم مستودعة ، وقد أعطيته إياها ، فذلك لا يكون عليه فيه إلا قوله .

وحكي عن الأوزاعي أنه قال : إذا قال المودع للمودع : قد رددت إليك مالك ، لم يقبل إلا ببينة ، وإن كان أمينا .

قال أبو بكر : بالقول الأول أقول ، لأنهم لما قالوا : إذا قال المودع : ضاعت الوديعة أن القول قوله ، لأنه أمين ، وجب كذلك إذا قال : رددتها إليك أن يكون القول قوله إذ هو أمين ، وهذا سبيل الوكلاء والأمناء ، يكون للأيتام والأوصياء إذا ذكروا أنهم أنفقوا على من تحت أيديهم ما يجب أن ينفق من طعام وإدام وكسوة وغير ذلك ، وقبول قولهم فيما ذكروا أنهم أنفقوا عليهم من نفقة أمثالهم تجب ، وغير جائز أن يكلف أحد منهم على شيء من ذلك ببينة .

واختلفوا في المودع يقول : دفعت الوديعة إلى فلان بأمرك ، وينكر المودع أن يكون أمره بذلك .

فقالت طائفة : لا يلزم ذلك المودع ، وكان المودع ضامنا في قول [ ص: 315 ] مالك والشافعي والثوري وعبيد الله بن الحسن وإسحاق وأصحاب الرأي .

وكان ابن أبي ليلى يقول : القول قول المستودع ، ولا ضمان عليه ، وعليه اليمين ، وقال أحمد بن حنبل : هو مصدق في كلا الأمرين ، يريد قوله : رددتها إليك ، وقوله : أمرتني أن أدفعها إلى فلان .

قال أبو بكر : بالقول الأول أقول .

التالي السابق


الخدمات العلمية