صفحة جزء
[ذكر] النفقة على الضالة

واختلفوا فيمن وجد ضالة ، فأنفق عليها ، وجاء ربها : فقالت طائفة يغرم له مثل ما أنفق .

وروينا عن عمر بن عبد العزيز أنه قضى على صاحب البعير بالنفقة التي أنفق عليها الذي وجد البعير . [ ص: 412 ]

وبه قال مالك وكان الشعبي [لا] يعجبه قضاء عمر بن عبد العزيز ، وهو مذهب الشافعي وبه قال أصحاب الرأي . وقد روينا عن علي بن أبي طالب أنه كان ينفق على الضوال من بيت المال .

8684 - حدثنا إسماعيل بن قتيبة ، قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر ، عن أبيه ، قال : سمعت النعمان بن مرة يحدث سعيد بن المسيب ، قال : رأيت عليا بنى للضوال مربدا فكان يعلفها علفا لا يسمنها ولا يهزلها من بيت المال ، فكانت تشرف بأعناقها فمن أقام على شيء منها بينة أخذه وإلا أقرها على حالها لا يبيعها . فقال سعيد بن المسيب [لو وليت أمر المسلمين صنعت هكذا وبه قال سعيد بن المسيب ] .

وقد اختلفوا في هذا فكان مالك يقول في ضوال الإبل : الإمام يأمر ببيعها ثم يأمر بثمنها فيوضع ، فإذا جاء صاحبها ، دفع إليه الثمن . فأما الرقيق الذين يأبقون فيوجدون ، فإنهم يحبسون ، فإن لم يأت لهم طالب ، بيعوا . فإن جاء لهم طالب بعد أن يباعوا لم يكن لهم [ ص: 413 ] إلا الثمن الذي بيعوا به ، وبيع الإمام الضوال جائز ، ولا يكون ذلك لغير الإمام ، وكان الشافعي يقول : وإذا وجد رجل بعيرا فأراد رده على صاحبه فلا بأس بأخذه ، وإن كان إنما يأخذه ليأكله فلا ، وهو ظالم ، وإن كان للسلطان حمى ، صنع كما صنع عمر بن الخطاب تركها في الحمى حتى يأتي صاحبها وما تناتجت فهو لمالكها ، ويشهد على نتاجها كما يشهد على الأم حين يجدها ويوسم نتاجها ، وتوسم أمهاتها ، وإن لم يكن للسلطان حمى ، وكان يستأجر عليها ، وكانت الإجارة تعلق في رقابها غرما رأيت أن يصنع كما صنع عثمان بن عفان إلا في كل ما عرف أن صاحبه قريب ، بأن يعرف بعير رجل بعينه فيحبسه أو يعرف وسم قوم بأعيانهم حبسها لهم اليوم واليومين ونحو ذلك ، وقد روينا عن ابن عمر أنه كان يسهل في شرب لبن الضالة . وروي ذلك عن عائشة .

8685 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن زيد بن جبير ، قال : كنت عند ابن عمر فأتاه رجل . فقال : ضالة وجدتها ؟ فقال : أصلح إليها وانشد . قال : فهل علي إن شربت من لبنها ؟ فقال ابن عمر : ما أرى عليك في ذلك شيئا .

8686 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن العالية ، قالت : كنت جالسة عند عائشة فأتتها امرأة ، فقالت : يا أم المؤمنين ، إني وجدت شاة ضالة ، [ ص: 414 ] فكيف تأمرين أن أصنع بها ؟ قالت : عرفي واعلفي واحلبي ، ثم عادت فسألتها . فقالت عائشة : [تأمريني] أن آمرك بذبحها أو ببيعها ؟ فليس لك ذلك .

وقال مالك بن أنس في الضالة : أما نتاجها فلا تأكل منها شيئا ، وأما ألبانها فعسى أن تأكل منها .

وقال قائل : إذا وجد الرجل بعيرا ضالا ضعيفا لا يقدر على الوصول إلى الماء والكلأ فله أن يأخذه ليحفظه على ربه ، وليس هذا الذي نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن أخذه ، لأنه نهى عن أخذ الذي يستقل بنفسه الذي يرد الماء ويأكل الكلأ ، فإن أخذه آخذ أو تلف من غير جناية فلا شيء عليه ، والدليل على أن ذلك كذلك حديثه الآخر .

8687 - أخبرنا محمد بن عبد الله ، قال : أخبرني ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن بكر بن سوادة ، عن أبي سالم الجيشاني ، عن زيد بن خالد الجهني ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها" .

التالي السابق


الخدمات العلمية