صفحة جزء
ذكر ضالة الغنم

ثابت عن نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في ضالة الغنم "لك أو لأخيك أو للذئب" .

8689 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا القعنبي ، عن مالك ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن يزيد مولى المنبعث ، عن [ زيد] بن خالد الجهني ، قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : فضالة الغنم ؟ فقال : "لك أو لأخيك أو للذئب" .

وقد اختلف أهل العلم في الرجل يجد الشاة ، فكان مالك بن أنس يقول في الشاة : الضالة توجد (بالصحراء) ، قال : يذبحها فيأكلها ، وإن كان في قرية فليضمها إليه أو إلى غنمه حتى يجد صاحبها . قال : وقال مالك في البقرة مثله . وحكاية ابن وهب عنه في ضالة البقر تدل على أن ابن القاسم وهم إذ جعل قياس قول مالك أن ضالة البقر كضالة الإبل . وفيما وجد بخط الشافعي رحمه : إذا وجد الشاة أو البعير أو الدابة [ ما] كانت بالمصر أو في قرية فهي لقطة يعرفها سنة ، وقال أبو عبيد في ضالة الغنم : هي لك أو لأخيك أو للذئب . ليس هذا عندنا فيما يوجد قرب الأمصار ، ولا القرى ، إنما هذا أن يوجد في البراري ، [ ص: 417 ] والمفاوز التي ليس (قربهما) أنيس ، لأن تلك التي توجد قرب الأمصار والقرى لعلها تكون لأهلها .

قال أبو عبيد : فهذا عندي أصل لكل شيء يخاف عليه الفساد مثل الطعام والفاكهة مما إن تركه في الأرض لم يلتقطه فسد ، أنه لا بأس بأخذه ، حدثنيه علي عنه .

وكان الليث بن سعد يقول في ضالة الغنم : لا أحب أن يقربها إلا أن يحرزها لصاحبها . وقد روينا عن عائشة أنها منعت من بيع ضالة الغنم ومن ذبحها ، وقد ذكرت إسناده فيما مضى .

قال أبو بكر : والذي نقول به إن في نفس الحديث دليلا على افتراق حال البراري والقرى في ضالة الغنم ، بين ذلك في قوله : لك أو لأخيك أو للذئب ، لأن الذئاب لا تكون في الأمصار والقرى ، وحيث يكون جماعات الناس . فإذا وجد الشاة بفلاة من الأرض فله أكلها وبيعها ، وإخراجها من ملكه والانتفاع بها كيف شاء ، وليس له ذلك إذا كانت في القرى والأمصار ، فإذا كانت الشاة بفلاة من الأرض فأكلها من جعل له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ثم جاء صاحبها ففيها قولان : أحدهما : أن لا غرم عليه . وهذا قول مالك .

وحجة من قال بهذا القول أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام الذي وجدها مقام ربها ، فقال : لك أو لأخيك أو للذئب ، فأباح له أكلها والانتفاع بها في تلك الحال ، فإذا انتفع بها بإذن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجز أن يغرم في حال ثان [ ص: 418 ] إلا بحجة من كتاب أو سنة أو إجماع .

وفيه قول ثان : وهو أن يغرم من أكلها قيمتها إذا أتى ربها . هذا قول الشافعي . ومن قال هذا القول قال : لا فرق بين أكل الشاة يجدها في الصحراء وبين اللقطة يعرفها الملتقط سنة في أن كل واحد منهما يغرم إذا جاء صاحبها وقد أتلفها ، لأن الغرم إذا وجب على أحدهما كان للآخر مثله ، ولعل من حجة من فرق بينهما (أنه) يقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال في اللقطة : "فإن جاء صاحبها فأدها إليه" ، ولم يقل ذلك في ضالة الغنم ، وقد فرقت السنة بينهما من وجه آخر . اللقطة لم تبح لآخذها إلا بعد تعريف سنة ، وأباح الشاة مكانها لآخذها بغير تعريف . وقد روينا عن أبي [ثعلبة] الخشني في هذا الباب حديثا مرفوعا مفسرا .

8690 - حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن أبي فروة ، عن عروة بن رويم ، عن أبي [ثعلبة] الخشني ، قال : قلت يا رسول الله ، الشاة توجد في أرض الفلاة ؟ (قال) : "كلها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب" . قال : قلت : يا نبي الله ، البعير أو الناقة توجد في أرض الفلاة عليها الرعاء والسقاء ؟ قال : "خل عنها ، ما لك ولها" . [ ص: 419 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية