صفحة جزء
الرجل تقوم عليه دابته فيتركها آيسا منها

واختلفوا في الرجل يدع دابته بمكان منقطع من الأرض آيسا منها فأخذها رجل وقام عليها حتى صلحت وجاء ربها .

فقالت طائفة : هي لمن أخذها وأحياها . هذا قول الليث بن سعد ، إلا أن يكون تركها ، وهو يريد أن يرجع إليها فرجع مكانه ، وهذا مذهب الحسن بن صالح في هذا . وفي النواة التي يلقيها من يأكل التمر ، فإن قال صاحبها في الدابة لم أبحها الناس ، فالقول قوله ويستحلف أنه لم يكن أباحها الناس .

وقال أحمد وإسحاق في الدابة هي لمن أحياها إذا كان تركها صاحبها لمهلكة ، واحتج إسحاق بحديث مرسل رواه الشعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من ترك دابة بمهلكة فهي لمن أحياها" . قيل للشعبي : عمن قال : إن شئت عددت لك كذا وكذا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفي الدابة قول ثان : وهي أنها لربها يأخذها ويدفع إليه ما أنفق عليها . هذا قول مالك بن أنس .

وفيه قول ثالث . قال : إن كان أرسلها في أمن وكلأ وماء فصاحبها أحق بها ، هذا قول ابن وهب ، وروي ذلك عن الشعبي . [ ص: 420 ]

قال أبو بكر : والذي نقول به : إن ملك صاحب الدابة لا يزول عن الدابة إلا ببيع أو هبة أو غير ذلك مما يزول به الأملاك ، ولا غرم عليه إن كان الذي أخذها أنفق عليها .

واختلفوا في الظبي يملكه الرجل ثم يفلت منه .

فقالت طائفة : هو لصائده الأول اصطاده غيره من ساعته أو بعد مدة طويلة ، هكذا قال الشافعي .

وقال مالك : إن كان الثاني اصطاده بالقرب من وقت أفلت من الأول ، هو للأول ، فإن كان اصطاده بعد مدة طويلة فهو للثاني ، وإذا وجد الرجل ضالة فجاء بها إلى صاحبها أو التقط لقطة كذلك وجاء بها إلى صاحبها وطلب جعلا فلا جعل له . وهذا على مذهب الشافعي وأصحاب الرأي .

قال أبو بكر : وسواء كان ممن يعرف بطلب الضوال ، أو لم يكن كذلك . وإذا أخذ الرجل المتاع الذي قد طرحه أصحابه في البحر طلب السلامة ، فأخذه رجل فعليه رده على أصحابه حيث نقل وحيث وجده أصحابه فلا جعل لمن أخذه . هذا مذهب الشافعي . فالحسن البصري يقول : من أخرج شيئا فهو لمن أخرجه ، وما نضب من الماء وهو على الساحل فهو لأهله . [ ص: 421 ]

وقال الليث بن سعد : لا أرى لأهل الركب الذي ألقوا متاعهم شيئا ، لأنهم قد طرحوه فألقوه على وجه الإياس منه . وقال الليث : إذا طرحوا المتاع خوفا من الغرق ، وطلبا للسلامة ، وسلم بعضهم فلم يطرح متاعه . قال : أرى أن يتواسوا المتاع الذي ألقوا على قدر حصصهم .

وقال مالك في السفن التي تسير في البحر فيلقي البحر متاعهم فيأخذه بعض الناس : إن أصحاب المتاع يأخذون متاعهم ولا شيء للذين أصابوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية