صفحة جزء
كتاب اللقيط

أجمع عوام أهل العلم على أن اللقيط حر ، روينا هذا القول عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب .

8691 - حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب قال : حدثني أبو جميلة : أنه وجد منبوذا على عهد عمر بن الخطاب ، فأتاه به فاتهمه عمر ، فأثني عليه خيرا ، فقال عمر : هو حر ، ولك ولاؤه ، ونفقته من بيت المال .

8692 - حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، عن زهير بن أبي ثابت ، قال : حدثني ذهل بن أوس ، عن تميم بن مسيح : أنه خرج فوجد على بابه [لقيطا] ، فأتى به عليا فألحقه [علي] به . [ ص: 428 ]

وبه قال الشعبي والنخعي ، وعمر بن عبد العزيز ، والحكم ، وحماد .

وبه قال مالك بن أنس ومن تبعه من أهل المدينة ، وسفيان الثوري ، ومن وافقه من أهل العراق من أصحاب الرأي ، وغيرهم ، وكذلك قال الشافعي ، وإسحاق وكل من لقيته من علماء الأمصار ، وأجمع كل من يحفظ قوله من أهل العلم على أن الطفل الذي يوجد في بلاد المسلمين في طريق من طرقهم أو قباء من أقبيتهم ميتا ، أن غسله ودفنه في مقابر المسلمين يجب عليهم ، ومنع الذين أوجبوا أن يفعل هذا بالطفل الذي ذكرناه أن يدفن أولاد المشركين في مقابر المؤمنين ، وقد احتج بعض من وافق عوام أهل العلم في إثبات الحرية للقيط ، بأن الله عز وجل خلق آدم ، وحصنه من أن يملكه أحد ، وكذلك حواء ، والناس منهما ، قال : فكل ولد آدم أحرار إلا من وقع عليه السبي فملكه المسلمون من أولاد المشركين الذين يقع عليهم السبي فمن لم يكن كذلك فأحكامه أحكام المسلمين ، فليس لأحد أن ينسب اللقيط إلى غير رشده ، ولا له أن يثبت له نسبا بغير علم . [ ص: 429 ]

وقد اختلف عن النخعي في هذا الباب ، روينا عنه أنه قال : هو عبد . وروينا عنه أنه قال : هو حر .

وروينا عنه رواية ثالثة وهو أن ذلك إلى نية الملتقط ، إن كان نوى أن يكون حرا فهو حر ، وإن كان نوى أن يكون عبدا فهو عبد ، وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال للذي التقطه : هو حر ، ولك ولاؤه وعلينا نفقته .

8693 - حدثنا الربيع ، قال : أخبرنا الشافعي قال : أخبرنا مالك ، عن ابن شهاب عن سنين أبي جميلة رجل من بني (سليم) أنه وجد منبوذا في زمان عمر بن الخطاب فجاء به إلى عمر بن الخطاب ، فقال : ما حملك على أخذ هذه النسمة . قال : وجدتها ضائعة فأخذتها . فقال عريفي : يا أمير المؤمنين ، إنه رجل صالح . قال : كذاك ؟ قال : نعم . فقال عمر : اذهب فهو حر ولك ولاؤه ، وعلينا نفقته .

وروي عن شريح أنه قال للملتقط : ولاؤه لك . وكان مالك [ ص: 430 ] يقول : هذا حر وولاؤه للمسلمين . وكان الشافعي يقول : هو حر [ولا ولاء] له ، وإنما يريد [المسلمون بأنهم خولوا كل] مال لا مالك له ، ولو ورثه المسلمون ، وجب على الإمام أن لا يعطيه أحدا من المسلمين دون أحد .

التالي السابق


الخدمات العلمية