صفحة جزء
ذكر كتابة من لا حرفة له

اختلف أهل العلم في كتابة من لا حرفة له . فكرهت طائفة أن يكاتب العبد الذي لا حرفة له على مسألة الناس ، كره ذلك ابن عمر .

8708 - حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، عن عبد الكريم الجزري ، عن نافع قال : كان ابن عمر يكره أن يكاتب عبده إذا لم يكن له أجرته ، يقول يطعمني من أوساخ الناس .

8709 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا ثور ، عن يونس بن سيف ، عن حزام بن حكيم قال : كتب عمر بن الخطاب إلى عمير : أما بعد ، فإنه من قبلك من المسلمين أن يكاتبوا أرقاءهم على مسألة الناس .

8710 - حدثنا يحيى بن محمد ، قال : حدثنا أبو عمر الحوضي ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي جعفر ، عن أبي ليلى - رجل من كندة - عن سلمان ، قال : قال عبد له : كاتبني . قال : ألك مال ؟ قال : لا . قال : تأمرني أن آكل غسالة أيدي الناس .

وروينا عن مسروق أنه قال : نقول إذا سأل العبد مولاه المكاتبة ، فإن كان له مكسبة أو مال فليكاتبه ، وإلا فليحسن ملكته .

وقال ابن جريج : قلت لعطاء : أرأيت إن كنت لا أرى أن يعطيني [ ص: 466 ] إلا من مسألة الناس ، أعلي جناح أن لا أكاتبه ؟ قال : ما أرى عليك من شيء أن لا تكاتبه . وقال الأوزاعي : لا يكاتب عبده على مسائل الناس ، فإن كوتب على حرفة فتخوف عجزا فلا بأس أن يسأل . وقال أحمد : أكره أن يكاتب إذا لم يكن له حرفة . وقال إسحاق : كرهه بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .

ورخصت طائفة في أن يكاتبه وإن لم يكن له حرفة ، رخص فيه مالك والشافعي ، وقال سفيان الثوري : ولا بأس أن يكاتب الرجل عبده وإن لم يكن له مال .

قال أبو بكر : والذي ذكرناه عن مالك ذكره ابن القاسم وابن أبي أويس عنه . وحكى عنه الوليد بن مسلم أنه سئل عن كتابة الإماء فقال : أكره ذلك إلا أن تكون ذات صنعة تؤدي منها .

قال أبو بكر : وفي حديث عائشة في قصة بريرة دليل على أن الكتابة غير مكروهة وإن لم يكن للمكاتب حرفة ، لأن بريرة قد كوتبت وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فأجاز الكتابة ، ولو كان ذلك مكروها لنهى عنه ، ولا نعلم أنها كانت محترفة بل في مجيئها إلى عائشة تستعين بها ما يدل على أنها كانت غير مشتغلة بكسب تؤدي كتابتها منه . والله أعلم .

قال أبو بكر : وفي حث النبي صلى الله عليه وسلم الناس على معونة المكاتب دليل على ذلك . [ ص: 467 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية