صفحة جزء
ذكر استحقاق ما يؤديه المكاتب

واختلفوا في المكاتب يؤدي ما عليه من النجوم في الظاهر ويعتق ، ثم يستحق بعض ما أدى ، أو يجد السيد ببعض ذلك عيبا . فسئل مالك بن أنس عن مكاتب قاطع سيده بشيء فاعترف في يده وأخذ منه ، أيرجع رقيقا للسيد ملك الدراهم التي هي بقية ما عليه ؟ فقال : أما الشيء الذي له بال فنعم . قيل له : مائة درهم أو مائتي درهم ؟ قال : أما الشيء الذي [ ص: 520 ] له بال فنعم . وسئل مالك عن مكاتب قاطع سيده فيما بقي عليه من كتابته بعبد دفعه إليه فاعترف في يده بسرقة فأخذ منه ، قال : يرجع على المكاتب بقيمة ما أخذ منه مما كان . وكان الشافعي يقول : إذا كاتب الرجل عبده على عرض أو ماشية بصفة ، أو طعام بكيل فأدى المكاتب جميع الكتابة وعتق ، ثم استحق ما أدى المكاتب بعد ما مات المكاتب ، فإنما مات رقيقا ، وللسيد أخذ ما كان له ، وما أخذ ورثته إن كانوا قبضوه . وكذلك لو جنى على المكاتب فأخذ أرش حر ، رجع الذين دفعوا الأرش في مال الكتاب بالفضل من [أرش] عبد . قال الشافعي : ولو استحق على المكاتب شيء من صنف ما أدى أو على صفته كان العتق ماضيا واتبع المكاتب [بما] استحق عليه ، ولم يخرج من يدي سيده ما أخذ منه .

ولو استحق ما كاتب عليه المكاتب بعد أدائه [وهو] حي أخذه من استحقه ، ولو كانت نجوم المكاتب كلها حلت يوم استحق ما أدى إلى مولاه ، قيل للمكاتب : إن أديت إلى مولاك جميع كتابتك الآن فقد عتقت ، وإن لم تؤده فله تعجيزك . وهذا إذا استحق ما أدى من قبل المكاتب ، فإن جاء رجل فاستحقه على سيده بإقرار من سيده عليه ، وجحد المكاتب ما أقر به السيد عليه ، فالمكاتب حر وهذا إتلاف من سيده لماله . وقال الشافعي : ولو شهد الشهود على سيد المكاتب حين [ ص: 521 ] دفع المكاتب إليه كتابته التي استحقت أنه قال : أنت حر . فقال السيد : إنما قلت : أنت حر بأنك أديت ما عليك ، أحلف بالله ما أراد إحداث عتق له على غير الكتابة كان مملوكا ، ولو كاتبه على عبيد فإذا هم معيبون أو بعضهم معيب وعتق ، ثم علم سيده بالعيب كان له رد [المعيب منهم بعينه ، فإن اختار] رده رد بالعتق ، وإن اختار حبسه تم العتق ، لأن الكتابة في كثير من أحكامها كالبيع ، كما كان يكون لمن دلس له بعيب رد العيب ونقض البيع (كان له ذلك) في الكتابة . وكان ابن القاسم صاحب مالك يقول : إذا كاتب على حيوان موصوف أو ثياب أو طعام موصوف كذلك فأداه ثم استحق من يد السيد ، قال : أحب إلي أن لا يرد وأن يكون دينا يتبع به ، لأن حرمته قد ثبتت ويرجع عليه بمثل الذي استحق منه وإن أعتقه على شيء مما ذكرت بعينه فاستحق ذلك من يده يمضي عتقه ولا يرد وهذا لا شك فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية