صفحة جزء
ذكر العبد يكون بين الرجلين يدبر أحدهما حصته

واختلفوا في العبد بين رجلين يدبر أحدهما حصته : فقالت طائفة (يتقاوتانه) ، فإن صار للذي دبره دبره كله وإن صار للذي لم يدبره صار رقيقا كله . هكذا قال مالك بن أنس .

وفيه قول ثان : وهو أنه يقوم عليه ويدفع إلى صاحبه نصف قيمة العبد فيكون مدبرا كله ، فإن لم يكن له مال سعى على صاحبه حتى يؤدي عليه نصف قيمته ، فإن أداها رجع إلى صاحبه فكان مدبرا كله ، فإن مات العبد وترك مالا وهو يسعى لهذا دفع إليه من ماله ما بقي عليه من نصف قيمته ، وكان ما بقي للذي دبر . هذا قول الليث بن سعد .

وفيه قول ثالث : قاله الشافعي قال : وإذا كان العبد بين اثنين فدبر أحدهما نصيبه فنصيبه مدبر ولا قيمة عليه لشريكه ، لأنه أوصى لعبده في نفسه بوصية له الرجوع ، (فلما) لم يوقع العتق بكل حال : لم يكن ضامنا لشيء ولو [مات فعتق] نصفه لم يكن عليه قيمة ، لأنه وصية ، ولو أوصى بعتق نصفه لم يقوم عليه النصف الآخر ، لأنه لا مال إلا ما أخذ من ثلثه وهو لم يأخذ من ثلثه شيئا غير ما أوصى به وشريكه على شركته من عبده ، ولا يعتق إن مات شريكه الذي أعتقه أو عاش . [ ص: 580 ]

وفيه قول رابع : قاله أصحاب الرأي قالوا : وإذا كانت الأمة بين رجلين فدبرها أحدهما فإن الآخر بالخيار ، إن شاء دبر وإن شاء أعتق وإن [شاء] استسعى الأمة في نصف قيمتها وإن شاء ضمن صاحبه إن كان موسرا ، فإن أعتق البتة وهو موسر فإنه يضمن لشريكه نصف قيمة الخدمة إن شاء ذلك الشريك ، وإن شاء الشريك استسعي الخادم في ذلك والولاء بينهما نصفان ، وإذا دبر أحدهما فاختار الآخر أن يضمن صاحبه المدبر وهو موسر فله ذلك والذي دبرها له نصفها مدبرة ونصفها رقيق ، وإن شاء وطئها وإن شاء أن يؤاجرها آجرها ، وليس له أن يبيعها ولا يمهرها ، وإذا مات وله مال فإن نصفها يعتق بالتدبير وتسعى في نصف قيمتها ، فإن لم يكن له مال عتق ثلثها وسعت في ثلثي قيمتها . هذا كله قول النعمان .

وقال يعقوب ومحمد : إذا كانت الأمة بين رجلين فدبرها أحدهما فهو ضامن لنصف قيمتها لشريكه موسرا كان أو معسرا ، والجارية كلها مدبرة للذي دبرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية