صفحة جزء
ذكر الحكم في أولاد المدبرة

واختلفوا في أولاد المدبرة : فقالت طائفة : أولاد المدبرة بمنزلتها يعتقون بعتقها ويرقون برقها .

روي هذا القول عن ابن عمر وابن مسعود .

8770 - حدثنا محمد بن علي ، قال : حدثنا سعيد بن منصور ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عبد العزيز بن عبيد الله ، عن الشعبي ، عن عبد الله ، وعن شريح أنهما قالا في ولد المدبرة : يعتقون بعتقها ويرقون برقها .

8771 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : أولاد المدبرة بمنزلة أمهم .

قال أبو بكر : وهذا قول الشعبي ، وإبراهيم النخعي ، وسعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، والزهري ، وعمر بن عبد العزيز ، والقاسم بن محمد ، ومجاهد .

وبه قال مالك : أن ولدها بمنزلتها يعتقون بعتقها .

وقال مالك : كل ذات رحم بمنزلة أمهم إن كانت حرة فولدها أحرار ، وإن كانت مدبرة فولدها بمنزلتها . [ ص: 586 ]

وقال سفيان الثوري ، والحسن بن صالح ، والليث بن سعد : ولدها بمنزلتها .

قال أبو بكر : وإنما مذهب من أحفظ عنه من هؤلاء أن أولادها الذين يكونون بمنزلتها ما ولدت بعد التدبير ، وأما ما كان لها من ولد قبل التدبير فهم مماليك .

8772 - حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا قتيبة وكامل قالا : حدثنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي النضر ، عن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة أنه قال : أنكح سيدي جدتي عبدا [له] ثم أعتقها عن تدبير .

هكذا قال قتيبة في حديثه ، وأما كامل فقال : أنكح سيد جدي جدتي عبدا [له] ثم أعتقها عن دبر قال قتيبة في حديثه : وقد ولدت أولادا قبل أن يعتقها ثم ولدت أولادا بعد عتقها عن دبر ، ثم توفي سيدها فخاصمت إلى عثمان بن عفان فقضى أن ما ولدت قبل أن يدبر عبيد وما ولدت بعد التدبير معها يعتقون بعتقها .

وقال سفيان الثوري : أم الولد والمدبرة إذا أعتقت لم يعتق ولدها حتى يموت السيد .

وبه قال أحمد وإسحاق . [ ص: 587 ]

وقال أصحاب الرأي : إذا أعتق الرجل [أمته] عن دبر وهي حبلى أو غير حبلى فحملت بعد العتق وولدت فإن ولدها بمنزلتها يعتق معها من الثلث .

وقال الشافعي : وإذا دبر الرجل أمة فولدت بعد تدبيرها في بقية من عمرها وهي مدبرة فسواء ، والقول فيهم واحد من قولين كلاهما له مذهب . والله أعلم .

أحدهما : أن ولد المدبرة بمنزلتها يعتقون بعتقها ويرقون برقها . وقد قال هذا القول بعض أهل العلم .

والقول الثاني : أن الرجل إذا دبر أمته فولدت بعد التدبير أولادا فهم مملوكون ، وذلك أنها أمة أوصى بعتقها لصاحبها الرجوع في عتقها وبيعها ، وليس هذه حرية ثابتة وهذه أمة موصى لها ، فالوصية ليست بشيء لازم هو يرجع فيه صاحبه فأولادها مملوكون ، وقد قال هذا غير واحد من أهل العلم .

وذكر الشافعي ، عن أبي الشعثاء قال : أولادها مملوكون . قال [ المزني ] : هذا أصح القولين عندي وأشبههما بقول الشافعي ، لأن التدبير عنده وصية بعتقها كما لو أوصى برقبتها لم يدخل في الوصية ولدها . [ ص: 588 ]

قال أبو بكر : وقالت طائفة أولاد [المدبرة] مملوكون . روي هذا القول عن زيد بن ثابت ، وبه قال جماعة .

8773 - حدثنا موسى قال : حدثنا مجاهد بن موسى قال : حدثنا مروان ، عن عثمان بن حكيم قال : أخبرني (مسلم) بن يسار قال : كنت عند زيد بن ثابت وأتاه فتى من الأنصار فقال : إن ابنة عم لي وأنا وليها أعتقت جارية لها [عن] دبر ، ليس لها مال غيرها . قال زيد : فلتأخذ من رحمها ما دامت حية .

8774 - وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب أن تباع [أولاد المدبرة] .

وقال عطاء : أولاد المدبرة عبيد ، وإن كانت حبلى يوم تدبر فولدها كالمدبر كأنه عضو منها . [ ص: 589 ]

وقال جابر بن زيد في ولد المدبرة : هم عبيد كالحائط تصدقت به إذا مت فلك ثمرته ما عشت .

وقال الأوزاعي في ولد المدبرة : أرقهم عمر بن عبد العزيز ومكحول .

قال أبو بكر : والذي عليه الأكثر من فقهاء الأمصار أن أولاد المدبرة الذين تلدهم بعد التدبير بمنزلتها . ومن حجة بعض من قال بهذا القول : إجماعهم على أن أولاد الحرة أحرار وعلى أن أولاد الأمة مماليك ، فوجب على هذا المثال أن يكون حكم أولاد المدبرة حكم أمهم . وقد احتج جابر بن زيد لمذهبه .

وقد اختلفوا في ولد المدبر : فروي عن ابن عمر وليس بثابت عنه أنه قال : هم بمنزلة أمهم .

وبه قال عطاء ، والزهري ، والأوزاعي .

وقال الليث بن سعد : إنما الولد للرحم .

وقال مالك : إذا اشترى المدبر جارية فوطئها وحملت منه وولدت ليس لسيد المدبر أن يبيع ولده ، لأن ولد المدبرة من جاريته بمنزلته يعتقون بعتقه ويرقون برقه .

قال مالك : وكان عبد الله بن عمر يقول : ولد المدبر من أمته بمنزلته .

وقال عبد الملك في ولد المدبر من أمته : إن ولدته لستة أشهر من يوم [ ص: 590 ] دبر أبوه فهو بمنزلة أبيه مدبر ، وإن كان ولدته لأقل من ستة أشهر من يوم دبر لم يكن مدبرا .

وقال أحمد : إذا اشترى المملوك وهو مدبر ، فولده بمنزلته يعتقون بعتقه ، وهم من الثلث .

التالي السابق


الخدمات العلمية