صفحة جزء
باب ذكر الأعور يفقأ عين الصحيح

اختلف أهل العلم في الأعور يفقأ عين الصحيح : فقالت طائفة : لا قود عليه ، وعليه الدية كاملة . روي هذا القول عن عمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان .

9469 - حدثنا أبو سعد ، قال : حدثنا حميد - هو ابن مسعدة - قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن عبد ربه ، عن أبي عياض ، أن عثمان بن عفان قال في أعور فقأ عين صحيح : لا يستقاد منه ، عليه الدية كاملة .

9470 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج ، عن محمد [عن ] أبي عياض ، أن عمر وعثمان اجتمعا على أن الأعور إن فقأ عين آخر ، فعليه مثل دية عينيه .

وبه قال عطاء بن أبي رباح ، وسعيد بن المسيب ، وأحمد بن حنبل . [ ص: 213 ]

وقالت طائفة : عليه القود على ظاهر قوله ( والعين بالعين ) .

روي عن علي بن أبي طالب أنه قال : أقام الله القصاص في العين في كتابه ( والعين بالعين ) وقد علم هذا فعليه القصاص ، فإن الله لم يكن نسيا .

9471 - حدثنا إسحاق ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج ، عن محمد ، عن أبي عياض ، أن عمر وعثمان اجتمعا على أن الأعور إن فقأ عين آخر فعليه مثل دية عينيه . وذكر أن عليا قال : أقام الله القصاص في العين في كتابه ( والعين بالعين ) .

وقد علم هذا فعليه القصاص ، فإن الله لم يكن نسيا .

وهذا قول مسروق ، والشعبي ، والنخعي ، وعبد الله بن معقل ، وابن سيرين ، وسفيان الثوري ، والشافعي ، والنعمان .

وحكي ذلك عن ابن شبرمة ، وعثمان البتي .

وفيه قول ثالث : وهو أن المجني عليه إن شاء اقتص وأعطاه نصف الدية ، وإن شاء أخذ الدية كاملة .

روي هذا القول عن علي رواية ثانية :

9472 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن قتادة ، عن الحسن ، أن علي بن أبي طالب قال في أعور فقأ [ ص: 214 ] عين رجل صحيح العينين عمدا . قال : إن شاء اقتص منه وأعطى نصف الدية .

وقال الحسن البصري ، والنخعي : إن شاء اقتص منه وأعطاه نصف الدية .

وكان مالك يقول : إن شاء فقأ عين الأعور [فتركه أعمى ، وإن شاء أخذ الدية كاملة دية عين الأعور ] ، لأنه إنما يأخذ دية العين التي كانت ألف دينار .

قال أبو بكر : قال الله : ( والعين بالعين ) ، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم في العينين الدية ، ففي العين نصف الدية ، وفي العينين الدية ، والقصاص بين الأعور وصحيح العين كهو بين سائر الناس ، لا فضل لعين على عين على ظاهر كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولو كانت العيون تفاضل في الديات والقصاص ، لكان ذلك موجودا في الأخبار عن رسول الله ، لأنه المبين عن الله - معنى ما أراد من الخصوص والعموم - وقد أجمع أهل العلم أن القصاص بين المسلمين في عيونهم كما القصاص بينهم في أنفسهم ، وسواء كان الجاني أحسن عينا من المجني عليه ، أو أحد بصرا ، [ ص: 215 ] أو المجني عليه أحسن عينا وأحد بصرا ، لا فضل لعين أحدهما على عين الآخر على ظاهر الكتاب والسنة ، ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "المؤمنون تكافأ دماؤهم " ، فسوى بين دمائهم على اختلاف أحوالهم في أنفسهم وعقولهم وآدابهم وعلومهم وأنسابهم ، كان ما دون النفس أولى أن يكافأ إذا اختلفوا فيه ، مع أن كل مختلف فيه من باب العين مردود إلى ظاهر قوله : ( والعين بالعين ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية