صفحة جزء
ذكر القصاص من اللطمة والضرب بالسوط وما أشبهه

اختلف أهل العلم في القصاص من اللطمة وما أشبه ذلك ، فقالت طائفة : لا قصاص فيه .

روي هذا القول عن الحسن ، وقتادة ، وبه قال الشافعي ، ومالك ، والنعمان ، وقال مالك : وليس في اللطمة إلا الاجتهاد ، يجتهد في ذلك الإمام ، وليس لطمة المريض والضعيف مثل لطمة الرجل القوي ، وليس العبد الأسود يلطم مثل الرجل له الحال والهيئة ، فإنما في ذلك كله الاجتهاد .

وقالت طائفة : فيها القصاص . فممن روي عنه أنه رأى في اللطمة القصاص : أبو بكر ، وعثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، وخالد بن الوليد وابن الزبير ، وشريح ، والمغيرة بن عبد الله .

9561 - [حدثنا . . . ] حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا شبابة ، عن شعبة ، عن يحيى بن الحصين ، قال : سمعت طارق بن شهاب يقول : لطم أبو بكر [ ص: 306 ] يوما [رجلا] لطمة فقيل : ما رأينا كاليوم منعه ولطمه . فقال أبو بكر : أتاني ليستحملني فحملته ، فإذا هو (يبيعهن) فحلفت ألا أحمله ، والله لا حملته - ثلاث مرات - ثم قال له : اقتص ، فعفا الرجل .

9562 - حدثنا موسى ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا أبو بكر ، عن الأعمش ، عن كهيل بن زياد : أن عثمان أقاد من لطمة .

9563 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن المسعودي ، عن عبد الله بن عبد الملك بن أبي عبيدة ، عن ناجية أبي الحسن ، عن أبيه ، أن عليا قال في رجل لطم رجلا ، فقال للملطوم : اقتص .

9564 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا أبو بكر ، قال : حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن أشعث ، عن فضيل - هو ابن عمرو ، عن عبد الله بن معقل قال : كنت جالسا عند علي وأتاه رجل فساره ، فقال علي : يا قنبر . [ ص: 307 ]

فقال الناس : يا قنبر . فقال : أخرج هذا فاجلده ، فأخرجه . ثم جاء المجلود فقال : إنه زاد علي ثلاثة أسواط . فقال له علي : ما تقول ؟ قال : صدق يا أمير المؤمنين . قال : خذ السوط فاجلده ثلاثة أسواط ، ثم قال : يا قنبر ، إذا جلدت فلا تعدى الحدود .

9565 - حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، حدثنا مخارق بن خليفة ، عن طارق بن شهاب ، قال : كنا في غزاة فلطم ابن أخي خالد بن الوليد ، ابن أخي رجل من مراد ، فجاء المرادي فخطب فقال : يا معشر قريش ، إن الله لم يجعل لوجوهكم فضلا على وجوهنا ، إلا بما جعل الله لمحمد صلى الله عليه وسلم . فقال له خالد : صدقت ، اقتص . فقال المرادي لابن أخيه : الطم واشدد ، فلما دنى منه عفا عنه .

9566 - حدثنا ابن بجير ، حدثنا عبد الجبار ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أخي عمرو ، عن عمرو ، أن ابن الزبير أقاد من لطمة .

9567 - حدثنا موسى ، قال : حدثنا أبو بكر ، حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن ابن الزبير ، أنه أقاد من لطمة .

قال أبو بكر بن أبي شيبة : وهذا مما لم يسمعه ابن عيينة من عمرو .

وبه قال ابن شبرمة . [ ص: 308 ]

وقال الحكم ، والشعبي ، وحماد : ما أصيب به من سوط أو عصا أو حجر ، فكان دون النفس ، فهو عمد وفيه القود . وقد احتج بعض من يرى القود من اللطمة وما أشبهها بحديث عمر .

9568 - حدثنا يحيى بن محمد ، حدثنا مسدد ، حدثنا يزيد بن زريع ، حدثنا سعيد الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي فراس قال : خطب عمر الناس فقال : ألا وإني لا [أرسل] عمالي عليكم ليضربوا أبشاركم ، ولا يأخذوا أموالكم ، ولكني إنما أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم ، فمن فعل به سوى ذلك فليرفعه إلي ، فوالذي نفسي بيده لأقصنه منه ، قال : فوثب عمرو بن العاص فقال : يا أمير المؤمنين ، أرأيت لو أن رجلا من المسلمين كان على رعية ، فأدب بعض رعيته ، إنك لتقص منه ؟ قال : إي والذي نفس عمر بيده ، وكيف لا أقصه منه ، وقد رأيت رسول الله يقص من نفسه .

9569 - ومن حديث أمية بن خالد ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقص من نفسه .

قال أبو بكر : حديث عمر ثابت ، والقول به يجب ، وليس لاعتراض [ ص: 309 ] من اعترض حيث يحمل ما قد ثبت به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم على القياس معنى ، إذ يقول لا يوقف على حد الضرب وشدته وخفته ووجعه ، لأن الأخبار يجب التسليم لها ، وترك أن تعرض على عقل أو قياس ، هذا مذهب من لقيناه من أهل العلم ، وأخبرنا عنهم ممن كان قبلنا من تبع الحديث منهم .

9570 - حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثني عمرو بن عون ، حدثنا خالد ، عن حصين ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أسيد بن حضير - رجل من الأنصار - بينا هو يتحدث عند النبي صلى الله عليه وسلم - وكان فيه مزاح يحدث القوم - فطعن النبي صلى الله عليه وسلم في خاصرته . فقال : أصبرني . فقال له : اصطبر [قال : ] إن عليك قميص وليس علي قميص . فرفع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه . قال : فاحتضنه وجعل يقبل كشحه ويقول : إنما أردت هذا .

التالي السابق


الخدمات العلمية