صفحة جزء
جماع أبواب أحكام العبيد والإماء في الجراحات والديات

أجمع أهل العلم على أن في العبد يقتل خطأ قيمته إذا كانت القيمة أقل من الدية .

واختلفوا في العبد يقتل وقيمته أكثر من دية الحر .

فقالت طائفة : قيمته يوم يصاب ، بالغا ما بلغ . هكذا قال سعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، وإياس بن معاوية ، والزهري ، ومحمد بن سيرين ، وعمر بن عبد العزيز ، ومكحول ، وحكي ذلك عن عثمان البتي ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن . وبه قال مالك بن أنس ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه .

وقالت طائفة : لا تبلغ دية العبد الحر . كذلك قال النخعي والشعبي وقال الثوري : قول إبراهيم والشعبي ، أن لا يبلغ دية الحر أحب إلى سفيان . [ ص: 393 ]

وقال النعمان في العبد يقتل خطأ : على عاقلة القاتل القيمة ، بالغة ما بلغت ، إلا أنه لا يجاوز بذلك دية الحر المسلم ، فينتقص من ذلك ما تقطع فيه الكف ، لأنه لا يكون أحد من العبيد إلا وفي الأحرار من هو خير منه .

وقد روينا عن سعيد بن العاص قولا ثالثا ، وروينا عنه أنه حكم في عبد قتل - وكان ثمنه عشرة آلاف - أربعة آلاف ، وقال : أكره أن أجعل ديته مثل دية الحر .

وقد اختلف عن عطاء في هذه المسألة : فحكى أيوب بن موسى عنه أنه قال كقول سعيد بن المسيب ، وحكى الحجاج بن أرطأة عنه أنه قال : دية المملوك ثمنه ، فإن زاد على دية الحر رد إلى دية الحر .

قال أبو بكر : وهذه أصح الروايات عنه ، وهو قول رابع . وبهذا القول قال حماد بن أبي سليمان قال : لا تجاوز دية الحر . [ ص: 394 ]

واختلف فيه عن الحكم ، فروى شعبة عنه أنه قال : قيمته - وإن بلغت - عشرين ألفا . وحكى الحجاج بن أرطاة عنه أنه قال كقول الشعبي والنخعي .

قال أبو بكر : وبالقول الأول أقول .

وفي إجماع أهل العلم على أن ديات الأحرار سواء لا فضل لبعضهم على بعض في الدية ، مع اتفاقهم على اختلاف أثمان العبيد أبين البيان على افتراق أحوالهم ، إذ العبيد أموال تختلف قيمتهم ، والأحرار ليسوا بأموال تستوي دياتهم ، فهم في هذا الباب بسائر الأموال المختلفة قيمتها أشبه منهم بالأحرار الذين لا تختلف دياتهم ، فقضى إجماعهم في الفرق بين الفريقين على اختلاف سبيل الأحرار والعبيد ، وأنهم في هذا الباب [كسائر] السلع التي تختلف أثمانها أشبه منهم بالأحرار الذين دياتهم مستوية مؤقتة .

التالي السابق


الخدمات العلمية