صفحة جزء
مسألة :

واختلفوا في القتيل يوجد في المحلة .

فقال أصحاب الرأي : هو على أهل الخطة ، وليس على السكان شيء ، فإن باعوا جميعا دورهم فوجد بعد ذلك قتيل في محلتهم أو مسجدهم فإن القسامة والدية على المشتري ، فليس على الساكن شيء ، وإن كان أرباب الدور غيبا ، وقد أكروا دورهم فوجد قتيل في المحلة ، فإن القسامة والدية على أرباب الدور الغيب ، وليس على السكان الذين وجد القتيل بين أظهرهم شيء ، وكذلك إذا وجد القتيل في الدار فإن الدية والقسامة على عاقلة أرباب الدار ، وليس على الساكن شيء إذا كانت الدار في يديه بكراء . ثم رجع يعقوب من بينهم عن هذا القول فقال : القسامة والدية على السكان في الدور ، وحكي هذا القول عن ابن أبي ليلى [وحكى الثوري هذا القول عن ابن أبي ليلى ] وذكر أنه أخذه من أهل خيبر أنه قال : كانوا عمالا يعملون سكانا يوجد القتيل فيهم ، قتيلا في دالية فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأولياء القتيل : "أتقسمون خمسين يمينا" . قال سفيان : ونحن نقول : هو على [ ص: 441 ] أصحاب الأصل - يعني أصحاب الدار - وقال أحمد : القول قول ابن أبي ليلى في القسامة لا في الدية ، وحكى الشافعي عن ابن أبي ليلى أنه قال : الدية على السكان والمشتري معهم وأهل الخطة ، وكذلك إذا وجد في الدار فهو على أهل القبيلة ، قبيلة تلك الدار والسكان الذين فيها . قال : وقول النعمان المعروف : ما بقي من أهل الخطة رجل فليس على المشتري شيء . وقال الشافعي : ذلك كله سواء لا عقل ، ولا قود إلا ببينة تقوم ، أو بما يوجب القسامة فيقسم الأولياء . وقال الوليد بن مسلم : سألت الأوزاعي عن قتيل وجد في مزرعة ، وسكان المزرعة أحرار مسلمون ، ويهود ، ونصارى ، وصاحب المزرعة غائب ؟ قال : فالقسامة على سكان المزرعة ، قال : فذكرت ذلك لابن المبارك فقال : هذا قول ابن أبي ليلى ، قال ابن المبارك : فذكرت للثوري فقال : أقيس القولين قول ابن أبي ليلى ؟ ! وذكر قصة خيبر أن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها على أهل خيبر وسكانها يومئذ يهود .

قال أبو بكر : أما ما قاله أصحاب الرأي فتناقض لا حجة معهم في التحديدات التي حددوها ، وقد كان اللازم للنعمان في مذهبه أن تكون دية الأنصاري [الذي] قتل بخيبر لازمة للمهاجرين والأنصار ، لأنهم أرباب خيبر هم افتتحوها ، وكانت أملاكهم فيها ثابتة ، ويجب في مذهبه أن يكون اليهود من ذلك براء ، لأنهم سكان غير مالكين . [ ص: 442 ]

وزعم أصحاب الرأي في القتيل يوجد في مسجد الجامع أو في سوق المسلمين حيث لا ملك لأحد فيه أن ديته على بيت المال ، وليس فيه قسامة ، فإن كانت علتهم في ترك القسامة في هذه المسألة أن هذا لا يدرأ من قتله فالقتيل بين القريتين لا يدرى من قتله ، وإن قالوا : إنما تركا إيجاب القسامة فيه أن الموضع الذي وجد فيه القتيل ليس بملك لأحد فمساجد القبائل لا يملكها أحد ، وحكاية هذا القول تجزئ عن الإدخال على قائله .

وذكر حميد الطويل أن قتيلا وجد بين [قشير] وبين عائش في أصحاب القوارير ، فكتب فيه عدي بن أرطاة إلى عمر بن عبد العزيز ، فكتب عمر : إن من القضاء قضايا لا يقضى فيها إلى يوم القيامة ، وإن هذه منهن ، وقال سفيان الثوري : إذا وجد قتيل على جسر فعلى بيت المال ديته .

التالي السابق


الخدمات العلمية