صفحة جزء
ذكر تطهر كل واحد من الرجل والمرأة بفضل طهور صاحبه

اختلف أهل العلم في هذا الباب، فنهت طائفة: أن يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد، روي هذا القول عن أبي هريرة.

200 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله، ثنا يزيد، أنا سليمان، عن أبي سهلة، عن أبي هريرة؛ أنه نهى أن يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد.

وفيه قول ثان: وهو الرخصة أن تتوضأ المرأة وتغتسل بفضل طهور زوجها، وكراهية أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة، روينا عن عبد الله بن سرجس أنه قال: تتوضأ المرأة وتغتسل بفضل طهور الرجل، ولا يتوضأ الرجل [ بفضل ] طهور المرأة وغسلها.

[ ص: 403 ] وكره الحسن، وابن المسيب أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة، وذكر أبو العالية ذلك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

وفيه قول ثالث: وهو أن لا بأس بفضل طهور المرأة ما لم تخل به، روي هذا القول عن الحسن، وغنيم بن قيس، وروي أن جويرية بنت الحارث توضأت فأراد كلثوم بن عامر أن يتوضأ بفضلها فنهته عن ذلك، وكان ابن عمر يقول: "لا بأس بالوضوء من فضل شراب المرأة، وفضل وضوئها ما لم تكن جنبا أو حائضا، فإذا خلت به، فلا يقربه" .

201 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره سواء.

وبهذا قال أحمد، قال: إذا خلت به فلا يتوضأ به، وحكي ذلك عن إسحاق.

[ ص: 404 ] وفيه قول رابع: وهو أن لا بأس أن يتطهر كل واحد منهما بفضل طهور صاحبه شرعا فيه جميعا، أو خلا كل واحد منهما بالماء ما لم يكن الرجل جنبا أو المرأة حائضا أو جنبا.

روينا عن ابن عمر أنه كان يقول: "لا بأس أن يغتسل بفضل المرأة إلا أن تكون جنبا أو حائضا" .

202 - أخبرنا الربيع، أنا الشافعي، أنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.

وروي عن الشعبي، أنه كان يكره فضل طهور الجنب والحائض. وهذا قول الأوزاعي.

وقال مالك، والأوزاعي: يتوضأ به إذا لم يجد غيره، ولا يتيمم.

وفيه قول خامس: وهو إباحة اغتسال الرجل والمرأة من إناء واحد، ثبت أن ابن عمر قال: كان الرجال والنساء يتوضؤون في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإناء الواحد.

وروي عن أم الحجاج أنها قالت: ربما نازعت عبد الله الوضوء.

وروينا عن أم سعد امرأة زيد بن ثابت أنها قالت: كنت أغتسل أنا وزيد بن ثابت من إناء واحد من الجنابة.

[ ص: 405 ] وقال أبو هريرة وابن عمر: لا بأس أن يغتسل الرجل والمرأة من الإناء الواحد.

وهذا قول مالك، وسفيان، والشافعي، وأبي ثور، وأصحاب الرأي.

203 - حدثنا محمد بن عبد الوهاب، نا جعفر بن عون، أنا مسعر، عن قيس بن مسلم، عن أم الحجاج، قالت: "ربما نازعت عبد الله الوضوء" .

204 - حدثنا يحيى، نا مسدد، نا يحيى، عن أشعث، عن محمد، عن أبي هريرة، قال: "لا بأس أن يغتسل الرجل والمرأة من الإناء الواحد" .

205 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج: أخبرني نافع، أن ابن عمر، كان يقول: "لا بأس باغتسال الرجل والمرأة في إناء واحد" .

[ ص: 406 ]

206 - حدثنا إسماعيل بن قتيبة، نا أبو بكر، نا حماد بن خالد، عن محمد بن صالح، عن حميد بن نافع، عن أم سعد، امرأة زيد بن ثابت قالت: "كنت أغتسل أنا وزيد بن ثابت من إناء واحد من الجنابة" .

[ قال أبو بكر ]:

والذي نقول به الرخصة في أن يغتسل كل واحد منهما ويتوضأ بفضل طهور صاحبه، وإن كانا جنبين، أو أحدهما، أو كانت المرأة حائضا، وسواء ذلك خلت به أو لم تخل به، لثبوت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على صحة ذلك.

207 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، وابن جريج، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد فيه قدر الفرق.

208 - حدثنا علي بن الحسن، نا عبيد الله بن موسى، نا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد.

[ ص: 407 ]

209 - حدثنا محمد بن إسماعيل، نا يحيى بن أبي بكير، نا زائدة، نا عمار بن أبي عمار الدهني، عن أبي سلمة، قال: حدثتني أم سلمة، أنها كانت تغتسل هي والنبي صلى الله عليه وسلم في إناء واحد.

قال أبو بكر: والأخبار في هذا الباب تكثر، وقد ذكرتها في غير هذا الموضع، وحديث ابن عباس يدل على إغفال من قال: إذا خلت به المرأة فلا يتوضأ منه.

210 - حدثنا علي بن الحسن، نا عبد الله، عن سفيان، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن امرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم استحمت من جنابة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يستحم من فضلها، فقالت: إني اغتسلت منه، فقال عليه السلام: "إن الماء لا ينجسه شيء" .

[ ص: 408 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية