صفحة جزء
ذكر التشهد في سجدتي السهو والتسليم فيهما

اختلف أهل العلم في التشهد في سجدتي السهو.

فقالت طائفة: ليس فيهما تشهد ولا تسليم كذلك قال أنس بن مالك ، والحسن البصري، وعطاء.

1700 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا حجاج بن منهال قال: نا حماد، عن قتادة ، عن أنس والحسن : أنهما كانا لا يسلمان في سجدتي السهو.

وروي ذلك عن الشعبي .

وقالت طائفة: فيهما تشهد. هكذا قال الحكم، وحماد، ويزيد بن عبد الله بن قسيط، وبه قال النخعي، وقال ابن سيرين : أحب إلي أن يتشهد، وروي ذلك عن عبد الله بن مسعود .

وفيه قول ثالث: وهو أن فيهما تسليم وتشهد، روي ذلك عن عبد الله بن مسعود ، والنخعي، وقتادة، والحكم، وحماد، وقال الليث بن سعد : إني لأستحسن أن يتشهد في سجدتي السهو ويسلم فيهما.

1701 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن خصيف ، [ ص: 509 ] عن أبي عبيدة ، عن ابن مسعود أنه تشهد في سجدتي السهو. وحكي هذا القول عن مالك، وبه قال الثوري ، والشافعي ، والأوزاعي، وأصحاب الرأي.

وفيه قول رابع: وهو أن يسلم فيهما ولا يتشهد فيه، كذلك قال ابن سيرين . ومن حجة قائله أن النبي صلى الله عليه وسلم سلم من [سجدتي] السهو ولا يثبت التشهد عنه، فالذي ثبت عنه يفعل، وتوقف عن التشهد؛ لأن ذلك غير ثابت عنه.

وقد حكي عن عطاء قول خامس: وهو أنه قال في سجدتي السهو: إن شاء تشهد وسلم، وإن شاء لم يفعل.

وفيه قول سادس قاله أحمد بن حنبل ، قال: إن سجد قبل السلام لم يتشهد، وإن سجد بعد السلام تشهد.

قال أبو بكر: أما التسليم في سجدتي السهو فهو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير وجه، وثبت مع ثبوت التسليم فيهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر فيهما أربع تكبيرات.

1702 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: نا عبد الله بن بكر، قال: نا هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، ذكر قصة ذي [ ص: 510 ] اليدين، قال: فرجع فصلى الركعتين الباقيتين، ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده [أو أطول ] ثم كبر فرفع رأسه، ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه.

فأما التشهد في سجدتي السهو فقد روي فيها أخبار ثلاثة، [تكلم] أهل العلم فيها كلها، وأحسنها إسنادا: حديث عمران بن حصين .

1703 - حدثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، قال: نا الأنصاري، قال: نا الأشعث ، عن محمد بن سيرين ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين ، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها في صلاته فسجد سجدتي السهو، ثم تشهد ثم سلم.

وقد تكلم في هذا الحديث بعض أصحابنا وقال: روى هذا الحديث غير واحد من الثقات عن خالد فلم يقل فيه أحد: ثم تشهد.

وأما الخبران الآخران فغير ثابتين، وقد ذكرتهما مع عللهما في الكتاب الذي اختصرت منه هذا الكتاب.

قال أبو بكر: وأما التسليم من سجدتي السهو فواجب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم [سلم] فيهما، والتشهد إن ثبت خبر عمران بن حصين فالواجب أن [ ص: 511 ] يتشهد (من سجد سجدتي) السهو، فإن لم يثبت لم يجب ذلك، [ولا أحسبه] يثبت والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية