صفحة جزء
ذكر سؤر الحمار والبغل وما لا يؤكل لحمه من الدواب

اختلف أهل العلم في سؤر الحمار والبغل، فكرهت طائفة الوضوء بسؤر الحمار، وممن يرى ذلك ابن عمر، والنخعي، والشعبي، [ ص: 421 ] والحسن، وابن سيرين، وبه قال الأوزاعي، والثوري، وأحمد، وأصحاب الرأي.

231 - حدثنا علي بن الحسن، نا عبد الله بن الوليد، عن سفيان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كره سؤر الحمار أن يتوضأ به.

232 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يكره سؤر الحمار والكلب أن يتوضأ بفضلهن.

وقد اختلف فيه عن إسحاق، فحكي عنه أنه كرهه، وحكي عنه أنه قال: يتوضأ من سؤر الحمار، والبغل إذا كان من ضرورة ولا يتيمم.

وقال حماد بن أبي سليمان: أحب إلي أن يعيد الصلاة إذا توضأ بسؤر الحمار، والبغل، وقال الحكم: لا يعيد.

[ ص: 422 ] وكره سؤر البغل: النخعي، والأوزاعي، والثوري، وأصحاب الرأي، وأحمد، وإسحاق.

ورخصت طائفة في الوضوء بسؤر الحمار، والبغل، والسباع، روينا عن عمر، وعمرو بن العاص، أنهما [ مرا ] [ بحوض ] ، فقال عمرو بن العاص: يا صاحب الحوض، ألا تخبرنا عن حوضك، هل ترده السباع؟ فقال عمر: [ يا صاحب الحوض ] ، "لا تخبرنا عن حوضك [ فإنا ] نرد على السباع وترد علينا" .

وروي عن أبي هريرة أنه قيل له: أرأيت السؤرة في الحوض تصدر عنها الإبل، وتردها السباع وتلغ فيها الكلاب، ويشرب [ منها ] الحمار، هل أتطهر منه؟ فقال: لا يحرم الماء شيء.

233 - حدثنا يحيى بن محمد، نا أبو الربيع، نا حماد، نا يحيى، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، ويحيى بن حاطب، أن عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص ، [ مرا بحوض ] فذكر الحديث.

[ ص: 423 ]

234 - حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أبو عبيد، نا ابن أبي عدي، عن حبيب بن شهاب، عن أبيه، قال: قلت لأبي هريرة: أرأيت السؤرة من الحوض تصدر عنها الإبل، وتردها السباع وتلغ فيها الكلاب، ويشرب منها الحمار، هل أتطهر منه؟ قال: "لا يحرم الماء شيء" .

وممن رخص في الوضوء بفضل الحمار: الحسن البصري، وعطاء، والزهري، ويحيى الأنصاري، وبكير بن الأشج، وربيعة، وأبو الزناد، ومالك، والشافعي، وقال: لا بأس [ بأسآر ] الدواب كلها ما خلا الكلب والخنزير.

[ ص: 424 ] ورخص في الوضوء بفضل البغال يحيى بن سعيد، وبكير بن الأشج، ومالك، والشافعي.

وقالت طائفة: إن لم يجد إلا سؤر الحمار والبغل، فإن أحب إلينا أن يتوضأ به ثم يتيمم، فيكون قد استوثق، هكذا قال الثوري.

و[ قال ] النعمان: في جميع ما لا يؤكل لحمه من الدواب والسباع والطير فسؤره مكروه، وقال في سؤر الكلب، وجميع السباع: إذا توضأ به متوضئ وصلى لم تجزئه صلاته. وعليه أن يعيدها، [ و ] إن لم يجد المتوضئ ماء غير سؤرهما، تيمم ولم يتوضأ به إلا السنور، فإنه يكره سؤرها، وإن توضأ به متوضئ فقد أساء، وصلاته جائزة، وكذلك الفأرة والوزغة، يكره سؤر كل واحد منهما، وإن توضأ به أجزأه، وإن لم يجد غيره توضأ به ولم يتيمم، وقال في سؤر الحمار والبغل: إن توضأ به رجل فعليه أن يعيد الوضوء والصلاة، وإن لم يجد ماء غير سؤرهما توضأ به وتيمم، يجمعهما احتياطا.

وحكي [ عن ] زفر أنه قال: يتوضأ به ثم يتيمم، وإن بدأ بالتيمم قبل الوضوء لم يجزئه، وقال يعقوب: إن توضأ به ثم تيمم، أو تيمم ثم توضأ به أجزأه.

[ ص: 425 ] قال أبو بكر: ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في الهرة: "ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات"، فحكم [ أسآر ] الدواب التي لا تؤكل لحومها، حكم سؤر الهر، على أن كل ماء على الطهارة إلا ما أجمع أهل العلم على أنه نجس، أو يدل عليه كتاب أو سنة.

وكل من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن [ أسآر ] الدواب التي تؤكل لحومها طاهر، وممن حفظنا ذلك عنه، الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وهو قول أهل المدينة، وأصحاب الرأي، من أهل الكوفة.

وكان ابن عمر، والحسن، وابن سيرين، والحكم، وحماد، لا يرون بسؤر الفرس بأسا.

235 - حدثنا إسماعيل، نا أبو بكر، نا حفص، عن حجاج، وعبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان لا يرى بأسا بسؤر الفرس.

[ ص: 426 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية