صفحة جزء
جماع أبواب ما يجب على الرجل والمرأة

تغطيته في الصلاة


ذكر حد عورة الرجل الذي يجب عليه تغطيتها في الصلاة

قال أبو بكر: لم يختلف أهل العلم أن مما يجب على المرء ستره في الصلاة القبل والدبر.

واختلفوا فيما سواه، فقال عوام أهل العلم: إن الفخذ مما يجب أن يستر في الصلاة، كان الشافعي يقول: عورة الرجل ما دون سرته إلى ركبته، ليس سرته ولا ركبتاه من عورته، وكذلك قال أبو ثور، وروينا عن عطاء أنه قال: الركبة من العورة.

وقال قائل: ليست عورة الرجل التي يجب سترها إلا القبل والدبر.

واحتج من رأى العورة من السرة إلى الركبة بحديث جرهد.

2389 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا سفيان، عن أبي [الزناد] ، عن آل جرهد، عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم رآه في المسجد قد كشف عن فخذه، فقال: "غط فخذك، إن الفخذ من العورة". [ ص: 49 ]

2390 - حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا يحيى بن أيوب، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر، قال: أخبرني العلاء، عن أبي كثير، عن محمد بن جحش أنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه على معمر وفخذاه مكشوفتان فقال: "يا معمر غط فخذيك فإن الفخذين عورة".

2391 - حدثونا عن بندار، قال: ثنا عبد الله بن جعفر، قال: ثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي كثير مولى محمد بن عبد الله بن جحش، عن [محمد بن] عبد الله بن جحش، فذكر الحديث. [ ص: 50 ]

واحتج بعض من دفع أن يكون الفخذ من العورة بحديث:

2392 - حدثناه موسى بن هارون، قال: ثنا يحيى بن أيوب، قال: ثنا إسماعيل بن جعفر، قال: أخبرني محمد بن أبي حرملة، عن عطاء وسليمان ابني يسار، وأبي سلمة بن عبد الرحمن : أن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيته كاشفا عن فخذيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك، فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه - قال محمد: ولا أقول ذلك في يوم واحد - فدخل فتحدث فلما خرج قالت عائشة : يا رسول الله! دخل أبو بكر فلم تهش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك؟ فقال: "ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة".

قال أبو بكر: قال هذا القائل: فلو كان الفخذ من العورة لغطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند دخول أبي بكر وعمر، ففي تركه أن يفعل ذلك بيان بأن الفخذ ليس من العورة، قال: وحديث جرهد لا تقوم به الحجة؛ [ ص: 51 ] لأن في أسانيده اضطرابا، وإذا لم يثبت حديث جرهد لم يجز أن يلزم الناس فرضا باختلاف، ولو ثبت حديث جرهد كان حديث عائشة معارضا له، وإذا تعارضت الأخبار لم يجز إيجاب فرض باختلاف، فما أجمعوا عليه يجب أن يستر، وما اختلفوا فيه غير جائز إيجابه، ولا فرق بين الفخذ والساق من جهة النظر، وليس القبل والدبر كذلك.

قال أبو بكر: وأكثر أصحابنا يقولون بحديث جرهد، وقد خالفهم غيرهم والله أعلم [ ص: 52 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية