صفحة جزء
4 - كراهية الاستمطار بالأنواء

7218 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو بكر القاضي، وأبو زكريا المزكي، وأبو سعيد الزاهد قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: أخبرنا الربيع بن سليمان قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك، عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عتبة بن مسعود، عن زيد بن خالد الجهني، أنه قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلاة الصبح بالحديبية، على إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف، أقبل على الناس فقال: "أتدرون ماذا قال ربكم؟" قالوا: الله ورسوله أعلم قال: قال: " أصبح من عبادي مؤمن بي، وكافر بي فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي، كافر بالكواكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي، مؤمن بالكواكب " .

[ ص: 181 ] 7219 - قال الشافعي في رواية أبي عبد الله، وأبي سعيد: ورسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي عربي واسع اللسان يحتمل قوله هذا معاني.

7220 - وإنما مطر بين ظهراني قوم أكثرهم مشركون، لأن هذا في غزوة الحديبية.

7221 - قال: وأرى معنى قوله هذا والله أعلم: أن من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك إيمان بالله لأنه يعلم أنه لا يمطر، ولا يعطي إلا الله عز وجل.

7222 - وأما من قال: مطرنا بنوء كذا على ما كان بعض أهل الشرك يعنون من إضافة النظر إلى أنه أمطر نوء كذا، فذلك كفر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

7223 - لأن النوء وقت، والوقت مخلوق، ولا يملك لنفسه ولا لغيره شيئا، ولا يمطر ولا يصنع شيئا.

7224 - وأما من قال: مطرنا بنوء كذا على معنى: مطرنا في وقت نوء كذا فإنما ذلك كقوله: مطرنا في شهر كذا، فلا يكون هذا كفرا، وغيره من الكلام أحب إلي منه.

7225 - أحب أن يقول: مطرنا في وقت كذا.

7226 - قال: وبلغني أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أصبح وقد مطر الناس قال: " مطرنا بنوء الفتح، ثم يقرأ: ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ) .

7227 - قال الشافعي: وقد روي عن عمر، رضي الله عنه أنه قال يوم الجمعة وهو على المنبر: " كم بقي من نوء الثريا؟ فقام العباس فقال: لم يبق منه [ ص: 182 ] شيء إلا العواء، فدعا ودعا الناس حتى نزل عن المنبر، فمطر مطرا أحيا الناس منه ".

7228 - قال الشافعي: وقول عمر هذا يبين ما وصفت لأنه إنما أراد كم بقي من وقت الثريا، لمعرفتهم بأن الله تعالى قدر الأمطار في أوقات فيما جربوا كما علموا أنه قدر الحر والبرد فيما جربوا في أوقات.

7229 - قال: وبلغني أن عمر بن الخطاب أوجف بشيخ من بني تميم غدا متكئا على عكازه وقد مطر الناس فقال: أجاد ما أقرى المجدح البارحة فأنكر عمر قوله: "أجاد ما أقرى المجدح" لإضافته المطر إلى المجدح.

[ ص: 183 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية