صفحة جزء
12034 - قال أحمد: وروينا عن عمر بن الخطاب، أنه قال: "إذا صرفت الحدود وعرف الناس حدودهم فلا شفعة بينهم".

12035 - وروينا عن عثمان بن عفان أنه قال: "إذا وقعت الحدود في الأرض فلا شفعة فيها".

12036 - وقد رواه الشافعي في القديم، عن مالك، عن محمد بن عمارة، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، أن عثمان بن عفان قال ذلك.

12037 - أخبرناه أبو نصر بن قتادة قال: أخبرنا أبو عمرو بن نجيد قال: حدثنا محمد بن إبراهيم قال: حدثنا ابن بكير قال: حدثنا مالك، فذكره، وزاد في الحديث: "ولا شفعة في بئر ولا فحل نخل" . [ ص: 318 ]

12038 - قال الشافعي في القديم: وذكر عبد الله بن إدريس، عن محمد بن عمارة، عن أبي بكر بن محمد، عن أبان بن عثمان، عن عثمان مثله.

12039 - قال أحمد: وقد رواه أبو عبيد عن عبد الله بن إدريس، عن محمد بن عمارة، عن أبي بكر بن حزم، أو عن عبد الله بن أبي بكر، الشك من أبي عبيد، عن أبان بن عثمان، عن عثمان قال: "لا شفعة في بئر ولا فحل، والأرف يقطع كل شفعة".

12040 - قال ابن إدريس: الأرف: المعالم.

12041 - وقال الأصمعي: هي المعالم والحدود قال: وهذا كلام أهل الحجاز، يقال منه: أرفت الدار والأرض تأريفا، إذا قسمتها وحددتها. أخبرناه أبو عبد الرحمن السلمي، قال: أخبرنا أبو الحسن الكارزي قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، فذكره.

12042 - قال الشافعي: وهكذا أحفظ عن عمر بن الخطاب.

12043 - قال: وأخبرنا سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، أن عمر بن عبد العزيز، كتب: إذا وقعت الحدود فلا شفعة.

12044 - أخبرنا أبو سعيد قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك، أنه بلغه أن سعيدا، وسليمان، سئلا [ ص: 319 ] : هل في الشفعة سنة؟ فقالا جميعا: "نعم الشفعة في الدور والأرضين، ولا تكون الشفعة إلا بين القوم والشركاء".

12045 - قال الشافعي: وبهذا نأخذ، وبه أخذ مالك في الجملة.

12046 - وفي هذا نفي أن تكون الشفعة إلا فيما كانت له أرض، فإنه يقسم.

12047 - وقد روى مالك، عن عثمان، أنه قال: "لا شفعة في بئر ولا فحل نخل".

12048 - وأخبرنا أبو سعيد قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: حدثنا الشافعي قال: أخبرنا الثقة، عن ابن إدريس، عن محمد بن عمارة، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبان، عن عثمان بن عفان قال: "لا شفعة في بئر".

12049 - قال الشافعي: "لا شفعة في بئر إلا أن تكون فيها بياض يحتمل أن يقسم، أو تكون واسعة محتملة القسم".

12050 - قال أحمد: والذي روي عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الشريك شفيع، والشفعة في كل شيء"، لم يثبت وصله، إنما رواه موصولا أبو حمزة السكري.

12051 - وقد خالفه شعبة، وإسرائيل، وعمرو بن أبي قيس، وأبو بكر بن عياش، فرووه عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، مرسلا، وهو الصواب . [ ص: 320 ]

12052 - ووهم أبو حمزة في إسناده.

12053 - قاله أبو الحسن الدارقطني فيما أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، وغيره، عنه.

12054 - قال أحمد: وروي من وجه آخر ضعيف لا يحتج بمثله. وحكى الشافعي في كتاب اختلاف أبي حنيفة، وابن أبي ليلى، عن بعض العراقيين، عن الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن مجاهد عن ابن عباس، وعن الحكم عن يحيى بن الجزار، عن علي، أنهما قالا: لا شفعة إلا لشريك لم يقاسم.

12055 - ونحن لا نحتج برواية الحسن بن عمارة، وفيما ذكرنا كفاية.

12056 - وزعم بعض من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه أن حديثكم في الشفعة لا يخالف حديثنا؛ لأن أبا هريرة قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما لم يقسم، وكان بذلك مخبرا عما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

12057 - ثم قال بعد ذلك: فإذا وقعت الحدود فلا شفعة، وكان ذلك قولا من رأيه لم يحكه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

12058 - وهذا لا يصح، فقد رويناه من أوجه منقولا من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم.

12059 - وروينا عن جابر بن عبد الله أنه قال: إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الشفعة في كل ما لم يقسم"، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة، وليس للصحابي أن يقطع بمثل هذا إلا أن يكون سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم . [ ص: 321 ]

12060 - وقول من قال فيه: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم: بالشفعة أراد به قضاء فتوى وبيان شرع، لا قضاء حكم، بدليل أنه قال في الرواية التي أودعها البخاري كتابه: قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم.

12061 - وفي رواية: في كل مال لم يقسم.

12062 - وقال في الرواية التي أودعها مسلم بن الحجاج كتابه: في كل شرك لم يقسم.

12063 - ولو كان ذلك قضاء حكم لم يعبر عنه بلفظ الكل، فمعلوم أن قضاءه في عين واحدة لا يكون قضاء في كل ما لم يقسم.

12064 - وإذا علق الشفعة بكل ما لم يقسم كان دليلا على إيفائها عن كل ما قد قسم، والأصل ثبوت ملك المشتري، فلم ينقص عليه ملكه إلا بسنة ثابتة لا معارض لها، أو إجماع، والله أعلم.

[ ص: 322 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية