صفحة جزء
12470 - قال الشافعي : وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة". هي الفطرة التي فطر الله عليها الخلق، فجعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يفصحوا بالقول فيختاروا أحد القولين، الإيمان، أو الكفر، لا حكم لهم في أنفسهم، إنما الحكم لهم بآبائهم.

12471 - ثم ساق الكلام إلى أن حكى عن بعض أصحابه أنه قال: أي الأبوين أسلم فالولد تبع له، واختار ذلك.

12472 - ثم قال: وإن أسلم في الحال التي لم يبلغ فيها، والبلوغ هو الاحتلام أو الإنبات أو مرور خمس عشرة سنة، فهو غير مستقل عن حكم أبويه؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل حكم الأطفال حكم الآباء حتى يعرب عنها اللسان، وإعراب اللسان عنها هو أن يعقل بشيء بالاختيار والتمييز، وذلك مما لا يكون إلا من البالغ، ولا بلوغ إلا بالذي وصفناه.

12473 - قال أحمد : وروينا، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ - يحتلم - ". . ." الخبر [ ص: 94 ] .

12474 - قال الشافعي : فإن احتج محتج بأن علي بن أبي طالب أسلم وهو في حد من يبلغ، فعد ذلك إسلاما.

12475 - وقيل: كان أول من أسلم، يقال له: إنما قال الناس: أول من صلى علي ، بذلك جاء الخبر عن زيد بن أرقم ، وغيره.

12476 - قال أحمد : أخبرناه أبو بكر بن فورك قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا شعبة قال: أخبرني عمرو بن مرة قال: سمعت أبا حمزة، عن زيد بن أرقم قال: "أول من صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب ".

12477 - قال الشافعي : والصلاة قد تكون من الصغير، والحج، وقد أشرفت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بصبي من هودج، فقالت: ألهذا حج؟ قال: "نعم، ولك أجر".

12478 - وقد رأينا الصغير يرى الصلاة، فيصلي وهو غير عالم بأن الصلاة عليه، وهو غير عارف بالإيمان، فعلى ذلك كان أمر علي رضي الله عنه، كان أول من صلى، وذلك أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وخديجة يصليان، ففعل فعلهما كما يرى الصبي أبويه يصليان فيصلي بصلاتهما، وليس ممن يعقل تكليف الصلاة، ولا الإيمان، ولم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم لعلي بخلاف حكم أبويه قبل بلوغه.

12479 - قال أحمد : وقد قيل: إنه أسلم وهو ليس يجوز أن يبلغ فيه بالاحتلام، فإنه في كثير من الروايات كان ابن عشر سنين، أو فوق ذلك [ ص: 95 ] .

12480 - وقد قال الحسن البصري: أسلم علي وهو ابن خمس عشرة سنة، أو ست عشرة سنة.

12481 - وقال غيره: إنما صارت الأحكام متعلقة بالبلوغ بعد الهجرة، فحكم علي في ذلك يخالف حكم غيره، والله أعلم.

[ ص: 96 ] [ ص: 97 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية