صفحة جزء
3 - باب: الحكم في قتل العمد

15663 - أخبرنا أبو عبد الله ، حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، قال: قال الشافعي رحمه الله: من العلم العام الذي لا اختلاف فيه بين أحد لقيته ، [ ص: 15 ] فحدثنيه أو بلغني عنه من علماء العرب أنها كانت قبل نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم تباين في الفضل ، ويكون بينها ما يكون بين الجيران من قتل العمد والخطأ ، فكان بعضها يعرف لبعض الفضل في الديات ، حتى تكون دية الرجل الشريف أضعاف دية الرجل دونه ، فأخذ بذلك بعض من بين أظهرها من غيرها بأقصد مما كانت تأخذ به ، فكانت دية النضيري ضعف دية القريظي .

15664 - وكان الشريف من العرب إذا قتل تجاوزوا قاتله إلى من يقتله من أشراف القبيلة التي قتله أحدها ، وربما لم يرضوا إلا بعدد يقتلونهم ، فقتل بعض غني شأس بن زهير ، فجمع عليهم أبوه زهير بن جذيمة ، فقالوا له: أو بعض من يذب عنهم: سل في قتل شأس؟ فقال: إحدى ثلاث لا ترضيني غيرها ، فقالوا: ما هي؟ قال: تحيون لي شأسا ، أو تملؤون ردائي من نجوم السماء ، أو تدفعون إلي غنيا بأسرها فأقتلها ، ثم لا أرى أني أخذت عوضا .

15665 - وقتل كليبا وائل ، فاقتتلوا دهرا طويلا ، واعتزلهم بعضهم فأصابوا ابنا له ، فقال: قد عرفتم عزلتي ، فبجير بكليب ، وكفوا عن الحرب ، فقالوا: بجير بشسع كليب ، فقاتلهم وكان معتزلا ، [ ص: 16 ] .

15666 - قال: فيقال: إنه نزل في ذلك وغيره مما كانوا يحكمون به في الجاهلية هذا الحكم الذي أحكيه بعد هذا ، وحكم الله بالفداء ، فسوى في الحكم بين عباده: الشريف منهم والوضيع: ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) .

15667 - فيقال: إن الإسلام نزل وبعض العرب يطلب بعضا بدماء وجراح ، فنزل فيهم: ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية