صفحة جزء
16474 - أنبأني أبو عبد الله إجازة ، عن أبي العباس ، عن الربيع ، قال: قال الشافعي : وأهل الردة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ضربان منهم كفروا بعد إسلامهم مثل: طليحة ، ومسيلمة ، والعنسي ، وأصحابهم ، ومنهم قوم تمسكوا بالإسلام ومنعوا الصدقات. ثم ساق الكلام إلى أن قال: وقول عمر لأبي بكر: أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله" وقول أبي بكر: " هذا من حقها: لو منعوني عناقا مما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه" معرفة منهما معا بأن ممن قاتلوا من هو على التمسك بالإيمان ، ولولا ذلك ما شك عمر في قتالهم ، ولقال أبو بكر : قد تركوا "لا إله إلا الله" ، فصاروا مشركين. وذلك بين في مخاطبتهم جيوش أبي بكر ، وإشعار من قال الشعر منهم ، ومخاطبتهم لأبي بكر بعد الإسار ، فقال شاعرهم:

ألا أصبحينا قبل نائرة الفجر لعل منايانا قريب وما ندري [ ص: 212 ]     أطعنا رسول الله ما كان وسطنا
فيا عجبا ما بال ملك أبي بكر     فإن الذي يسألكمو فمنعتم
لكالتمر أو أحلى إليهم من التمر     سنمنعهم ما كان فينا بقية
كرام على العزاء في ساعة العسر

[ ص: 213 ] وقالوا لأبي بكر بعد الإسار: ما كفرنا بعد إيماننا ، ولكن شححنا على أموالنا .

16475 - قال الشافعي : وقول أبي بكر "لا تفرقوا بين ما جمع الله" يعني فيما أرى والله أعلم أن مجاهدتهم على الصلاة ، وأن الزكاة مثلها ، ولعل مذهبه فيه أن الله تعالى يقول: ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ) [ ص: 214 ] وأن الله فرض عليهم شهادة الحق والصلاة والزكاة ، وأنه متى منع فرضا قد لزمه لم يترك ومنعه حتى يؤديه أو يقتل .

16476 - قال: فسار إليهم أبو بكر بنفسه حتى لقي أخا بني بدر الفزاري ، فقتله معه عمر وعامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أمضى أبو بكر خالد بن الوليد في قتال من ارتد ، ومن منع الزكاة معا ، فقاتلهم بقوام من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

16477 - قال الشافعي : وفي هذا ما دل على أن مراجعة عمر ومراجعة أبي بكر معه في قتالهم على وجه النظر له ، وللمسلمين لئلا يجتمع عليه حربهم مع حرب أهل الردة ، لا على التأثم من قتالهم .

16478 - قال أحمد: وهذا الذي ذكره الشافعي في قتال أهل الردة قد روينا أكثره بأسانيده في كتاب السنن من حديث غيره.

[ ص: 215 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية