صفحة جزء
16738 - أخبرنا أبو سعيد ، حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، قال قائل: لا أنفي أحدا فقيل لبعض من يقول قوله: ولم رددت النفي في الزنا ، وهو ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وابن مسعود ، والناس عندنا إلى اليوم؟.

16739 - قال: رددته بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسافر المرأة سفرا يكون ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم" .

16740 - فقلت له: سفر المرأة شيء حيطت به المرأة فيما يلزمها من الأسفار ، وقد نهيت أن تخلو في المصر برجل ، وأمرت بالقرار في بيتها ، وقيل لها: صلاتك في بيتك أفضل لئلا تعرضي أن تفتني أو يفتن بك. وليس هذا مما يلزمها بسبيل ، [ ص: 293 ] .

16741 - ثم بسط الكلام في الجواب عنه إلى أن قال: أرأيت إن كانت ببادية لا قاضي عند قريتها إلا على ثلاث ليال أو أكثر ، فادعى عليها مدع حقا ، أو أصابت حدا؟ .

16742 - قال: ترفع إلى القاضي .

16743 - قلنا: مع غير ذي محرم؟ .

16744 - قال: نعم .

16745 - قلنا: فقد أبحت لها أن تسافر ثلاثا أو أكثر مع غير ذي محرم؟ .

16746 - قال: هذا يلزمها .

16747 - قلنا: فهذا يلزمها برأيك فأبحته لها ومنعتها منه فيما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر به عن الله عز وجل فيها .

16748 - ثم ساق الكلام إلى أن قال: فلم لا يكون الرجل إذا كان لا يحتاج إلى محرم منفيا ، والنفي حده .

16749 - قال: فقد عمر رجلا ، وقال: لا أنفي بعده .

16750 - قلنا: عمر نفى في الخمر، والنفي في السنة على الزاني والمخنث ، وفي الكتاب على المحارب ، وهو خلاف نفيهما ، فإن رأى عمر نفيا في الخمر ، ثم رأى أن يدعه ، فليس الخمر بالزنا ، وقد نفى عمر في الزنا فكيف لم تحتج بنفي عمر في الزنا ، وقد قلنا نحن وأنت: وأن ليس في أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة [ ص: 294 ] .

16751 - قال أحمد: جاء من يدعي تسوية الآثار على مذهبه وعارض ما ذكرنا من الأخبار في نفي البكر بحديث أبي هريرة ، وزيد بن خالد الجهني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن. قال: "إذا زنت فاجلدوها ، ثم إن زنت فاجلدوها ، ثم إن زنت ، فاجلدوها ، ثم بيعوها ، ولو بضفير" .

16752 - وقال: إن كان سكوت النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أنيس عن ذكر الجلد يدل على رفع الجلد فسكوته ها هنا عن ذكر النفي يدل على رفع النفي .

16753 - قال أحمد: خالف هذا الشيخ حديث عبادة بن الصامت ، وأبي هريرة ، وزيد بن خالد الجهني ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في نفي البكر ، وخالف مذهب الخلفاء الراشدين فيه ، ومن رويناه عن سواهم ، وزعم أنه ذهب فيه إلى حديث زيد ، وأبي هريرة في الأمة إذا زنت فاجلدوها. وهو يخالف حديثهما في الأمة فيما ورد فيه الخبر ، وذاك لأن الخبر يدل على أن للسادات أن يجلدوا إماءهم إذا زنين ، ولا يجوز ذلك عند السادات ، فهو مخالف لجميع ما ورد فيه من الأحاديث .

16754 - وأما الشافعي رحمه الله فإنه قال بالأحاديث التي وردت في نفي البكر. وقال: بهذا الحديث في جلد السيد أمته إذا زنت.

16755 - وأما نفيها فقد أخبرنا أبو سعيد ، حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، قال: قال الشافعي : " اختلف أصحابنا في نفيهما يعني نفي العبد والأمة ، فمنهم من قال: لا ينفيان ، كما لا يرجمان ، ولو نفيا نصف سنة ، وهذا مما أستخير الله فيه " ، [ ص: 295 ] .

16756 - فهو ذا يشير إلى التوقف في نفيهما ، وقد ذهب جماعة من أصحابنا إلى أنهما لا ينفيان .

16757 - وحكاه أبو الزناد عن أصحابه ، وهو مذهب مالك .

16758 - فعلى هذا قد قلنا بظاهر هذه الأحاديث لم نخالف شيئا منها ، وإن قلنا بنفيهما فلم نخالف فيما قلنا إجماعا ، فقد روى أبو بكر بن المنذر صاحب الخلافيات عن عبد الله بن عمر أنه حد مملوكة له في الزنا ، ونفاها إلى فدك.

16759 - وأخبرنا أبو سعيد ، حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك ، عن نافع ، أن "عبدا كان يقوم على رقيق الخمس وأنه استكره جارية من ذلك الرقيق ، فوقع بها ، فجلده عمر ونفاه ولم يجلد الوليدة ، لأنه استكرهها" .

16760 - وهذا في الموطأ عن مالك ، وهو إن كان مرسلا فنافع مولى ابن عمر كان مشهورا بالرواية عن الثقات ، وبالعناية بأخبار آل عمر .

16761 - ورواه الليث بن سعد ، عن نافع ، عن صفية بنت أبي عبيد ، [ ص: 296 ] .

16762 - وروي في ، ذلك أيضا عن علي بن أبي طالب ، وفي إسناد حديثه نظر.

التالي السابق


الخدمات العلمية