صفحة جزء
1026 - أخبرنا عبد الواحد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، نا آدم، نا شعبة، عن أبي إسحاق الهمداني، عن حارثة بن وهب الخزاعي، قال: "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أكثر ما كنا قط وآمنه بمنى ركعتين".

هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم، عن قتيبة، عن أبي الأحوص، عن أبي إسحاق.

وحارثة بن وهب الخزاعي: هو أخو عبد الله بن عمر بن الخطاب لأمه [ ص: 171 ] قال رحمه الله: واختلف أهل العلم في مسافة القصر، فروى شعبة، عن يحيى بن يزيد الهنائي، قال: سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة، فقال أنس: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال، أو ثلاثة فراسخ، شك شعبة، صلى ركعتين".

وروي عن جبير بن نفير، قال: خرجت مع شرحبيل بن السمط إلى قرية على رأس سبعة عشر، أو ثمانية عشر ميلا، فصلى ركعتين، فقلت له، فقال: رأيت عمر صلى بذي الحليفة ركعتين، فقلت له، فقال: إنما أفعل كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل.

قال رحمه الله: فقد ذهب قوم إلى إباحة القصر في السفر القصير، روي عن علي أنه خرج إلى النخيلة، فصلى بهم الظهر ركعتين، ثم رجع من يومه.

وعن أنس أنه كان يقصر الصلاة فيما بينه وبين خمسة فراسخ، وعن ابن عمر في رواية: إني لأسافر الساعة من النهار فأقصر، [ ص: 172 ] وقال عمرو بن دينار: قال لي جابر بن زيد: أقصر بعرفة.

أما عامة الفقهاء، فلا يجوزون القصر في السفر القصير، واختلفوا في حده، قال الأوزاعي: عامة الفقهاء يقولون: مسيرة يوم تام، وبهذا نأخذ.

قال رحمه الله: وروى سالم، أن عبد الله بن عمر، كان يقصر الصلاة في مسيرة اليوم التام.

وقال محمد بن إسماعيل: سمى النبي صلى الله عليه وسلم يوما وليلة سفرا، وأراد به ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة".

وكان ابن عمر، وابن عباس، يقصران ويفطران في أربعة برد، [ ص: 173 ] وهي ستة عشر فرسخا، ولا يريان فيما دونها، سافر ابن عمر إلى ريم، فقصر، قال مالك: وذلك نحو من أربعة برد.

وقال عطاء بن أبي رباح: قلت لابن عباس: أقصر إلى عرفة؟ قال: لا، قلت: إلى منى؟ قال: لا، لكن إلى جدة، وعسفان والطائف، وهو أصح الروايات، عن ابن عمر أيضا، رواه عنه نافع.

وإلى هذا ذهب مالك، وأحمد، وإسحاق، وقول الحسن، والزهري، قريب من ذلك، قالا: يقصر في مسيرة يومين، وإلى نحو ذلك أشار الشافعي، حين، قال: مسيرة ليلتين قاصدتين، وقال في موضع: [ ص: 174 ] ستة وأربعين ميلا بالهاشمي.

وقال سفيان الثوري، وأصحاب الرأي لا يقصر إلا في مسافة ثلاثة أيام.

قال رحمه الله: ومن دخل عليه وقت الصلاة، وهو مسافر، فأقام في الوقت قبل أن صلاها، أتمها، ولو دخل الوقت، وهو مقيم، فسافر قبل أن صلاها، والوقت باق، له أن يقصر، ومن فاتته صلاة في السفر، فقضاها في الحضر، أو فاتته في الحضر، فقضاها في السفر، أتمها عند الشافعي، وعند مالك إن فاتت في السفر، فأقام، قصر، وإن فاتت في الحضر فسافر، أتم، لأنه إنما يقضي مثل الذي وجب، وهو قول آخر للشافعي.

ومسافة الفطر عند عامتهم مثل مسافة القصر. [ ص: 175 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية