صفحة جزء
144 - أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد العارف، أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أنا الشافعي، أنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "أعظم المسلمين في المسلمين جرما [ ص: 310 ] من سأل عن شيء لم يكن حرم، فحرم من أجل مسألته".

هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سعيد، عن عقيل، عن ابن شهاب، وأخرجه مسلم، عن يحيى بن يحيى، عن إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب .

وعامر هو عامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري القرشي، سمع أباه سعد بن أبي وقاص، كنيته أبو إسحاق، واسم أبيه مالك بن وهيب من بني عبد مناف بن زهرة.

قال الشيخ: المسألة وجهان: أحدهما: ما كان على وجه التبين والتعلم فيما يحتاج إليه من أمر الدين، فهو جائز مأمور به، قال الله تعالى: ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ، وقال الله تعالى: ( فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك ) وقد سألت الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مسائل، فأنزل الله سبحانه وتعالى بيانها في كتابه، كما قال الله عز وجل: ( يسألونك عن الأهلة ) [ ص: 311 ] ، ( ويسألونك عن المحيض ) ، ( يسألونك عن الأنفال ) .

والوجه الآخر: ما كان على وجه التكلف، فهو مكروه، فسكوت صاحب الشرع عن الجواب في مثل هذا زجر وردع للسائل، فإذا وقع الجواب، كان عقوبة وتغليظا.

والمراد من الحديث هذا النوع من السؤال، وقد شدد بنو إسرائيل على أنفسهم بالسؤال عن وصف البقرة مع وقوع الغنية عنه بالبيان المتقدم، فشدد الله عليهم.

قال سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عبيد بن عمير، قال: "إن الله أحل حلالا، وحرم حراما، فما أحل فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو".

قال سفيان: يريد قوله سبحانه وتعالى: ( لا تسألوا عن أشياء ) .

وروي عن ابن عمر، أنه سئل عن شيء، فقال: لا أدري، ثم قال: أتريدون أن تجعلوا ظهورنا جسورا لكم في نار جهنم، أن تقولوا: أفتانا ابن عمر بهذا. [ ص: 312 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية